بصاحب شيء يلازمه ويزاوله ويحترف به ، وذلك : (في الحرف) ـ أي الصناعات ـ ، والمراد بها : ههنا ما يزاول مطلقا ، (١) وبالاحتراف : مطلق المزاولة سواء كانت في عمل المنسوب إليه الّذي اشتقّ منه الصيغة معنى كان ، كالنجّار ـ لذي النجارة ـ على ما قيل ، أو عينا يعمل عملا في حصول صورتها الصناعية ، (كبتّات) ـ لذي البت ـ ان أريد به من يعمله ، وقد يقال : لمن يبيعه ، وهو : ـ بالموحّدة والمثنّاة المشدّدة ـ الطّيلسان من خزّ ونحوه ، أو في بيعه ، (و) ذلك : مثل : (عوّاج وثوّاب) ـ لمن يبيع العاج والثوب ـ على ما قال سيبويه ، والعاج : عظم الفيل ـ ، أو في القيام بأمره ، (و) ذلك نحو : (جمّال) ، وبغّال ـ لمن يقوم بأمر الجمل والبغل ـ ، أو في استعماله ، وهذا شاذ عند بعضهم ، وذلك : كنبّال ، وسيّاف ـ لمن يزاول الرمي بالنبل ـ وهو السهم ، والضرب بالسيف ، كما قال امرأ القيس :
وليس بذي رمح فيطعنني به |
|
وليس بذي سيف وليس بنبّال (٢) |
ومجيء «فعّال» للنسبة على كثرته ليس قياسا ، فلا يقال : فكّاه ، ودقّاق ـ لصاحبي الفاكهة والدّقيق.
(وجاء «فاعل») مجيئا دون «فعّال» (بمعنى ذي كذا) ، من دون اعتبار الاحتراف والمزاولة ، ولذا عدل إليه عن صيغة المبالغة ، وهذا(كتامر ، ولابن ، ودارع) ، ـ لذي التمر واللّبن والدرع ـ وليس شيء منها بمعنى اسم الفاعل ، لعدم الاشتقاق من المصدر.
(ومنه : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ)) (٣) باسناد الراضية إلى مفعول الرضا ، وهو ضمير العيشة ، فانّها مرضيّة يقع عليها الرضاء ، فعدل إلى معنى ذات رضا بأن يرضاها صاحبها ،
__________________
(١) أي كسب أو غير كسب.
(٢) البيت من قصيدة مشهورة له. والضمائر في البيت راجعة إلى زوج المرأة الّتي ذكر فيما قبله انّه عشقها وعاشرها وكان زوجها شديد الغيظ عليه حريصا على قتله مع عدم تمكّنه من ذلك.
(٣) الآية : ٧ القارعة.