ليتأتي بناء اسم الفاعل على ما قال الخليل.
ومنه : [ماء دافق] ، فانّه مدفوق ، وقد يقال : مثل ذلك من اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول من غير ان يعتبر النسبة ، وجعله علماء المعاني : من المجازي العقلي باعتبار اسناد اسم الفاعل الباقي على معناه إلى ملابس غير ما هو له ، على ما فصّل في موضعه.
(و) منه : قولهم في مقام الذم فلان (طاعم ، وكاس) على ما قاله الخليل ، في قول الحطيئة يهجو الزبرقان :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها |
|
واقعد فانّك أنت الطّاعم الكاسي (١) |
فان مقام الذم قرينة على عدم إرادة صدور الأكل واللبس على وجه الحدوث ، كما هو معنى اسم الفاعل ، إذ لا مذمّة في مجرد ذلك ، مع ان ـ الكاسي ـ من يكسو غيره ، لأنّه من ـ كساه الثوب ـ وهو ليس بذم ، فذلك قرينة على إرادة النسبة بمعنى ذي الأكل والكسوة وانحصار أمره في الأكل واللبس كما يناسبه ضمير الفصل وتعريف الخبر باللّام ، وقد يقال : لعلهما بمعنى اسم الفاعل مسلوبا عنه معنى الحدوث ، واريد بالكاسي ـ من يكسو نفسه بقرينة مقام الذم ، وان كان على خلاف الغالب في الفعل المتعدّي من الوقوع على غير الفاعل مع جواز كونه بمعنى اسم المفعول ، وهو المكسوّ على ما قال الفراء ، واحتمال كونه من كسي كرضي ـ إذا التبس ـ. (٢)
ومن ذلك ما كان للمؤنث بدون التاء ، كحائض ، وحامل وطالق ، ـ بمعنى ذات حمل وحيض وطلاق ـ وإلّا لزمت علامة التأنيث على ما هو شأن الصفات ، وقال
__________________
(١) وذلك انّ الحطيئة ورد المدينة مع ابنة له يقال لها مليكة فانزلهما الزبرقان في بيته واسائت امرأته معهما خوفا من ان يرغب زوجها في تزويج مليكة فخرج مع ابنته من بيته وهجاه.
والبغية : الطلب. ولا ترحل : أي لا تذهب. الطاعم : من طعم إذا أكل.
(٢) وفي نسخة : إذا لبس.