قبله ، توسلا إلى التخفيف بالادغام ، ولو حرك الأوّل انتقض ذلك الغرض فادغم وحرّك الثاني بالحركات الثلاث ـ كما سيجيء إن شاء الله تعالى ـ.
(وقراءة حفص) في سورة النور الشريفة : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ) (وَيَتَّقْهِ) ـ بسكون القاف وكسر الهاء ـ (فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ)(١) (ليست منه) ـ أي ممّا فرّ فيه من تحريك الأوّل للتخفيف وحرّك الساكن الثاني لالتقاء الساكنين ـ ، وذلك لأنّ الهاء فيه ضمير راجع إلى الله ، والأصل : فيه ما قرأه بعضهم به وهو : يتقه ـ بكسر القاف والضمير ـ مع الوصل بالياء أي النطق به على وجه يظهر معه ياء يقال لها : الصلة ، كما هو حكمه عند انكسار ما قبله ، نحو : مررت به وبغلامه ، فحفص سكّن القاف تشبيها لتقه بكتف وبقيت كسرة الضمير وحذفت ياء الصلة على ما هو حكمه إذا عرض السكون لما قبله نحو : عليه ، وإليه ، (٢) فالكسرة في ـ يتّقه ـ هي الّتي كانت ولم يلتق ساكنان أصلا ، هذا(على الأصح) ، خلافا للزمخشري وأبي عليّ ، حيث زعما ان قرائته ممّا فرّ فيه من ذلك لزعمهما انّ الأصل : يتّق فادخلت هاء السكت الساكنة وسكّن القاف تشبيها بكتف فالتقى ساكنان فحرّك الثاني وهو هاء السكت دون الأوّل لئلّا ينتقض الغرض من تخفيفها بالاسكان ، وهذا ضعيف ، لما فيه من اثبات هاء السكت ـ وصلا ـ وتحريكها.
(والأصل) في تحريك الساكن إذا قصد تحريكه (الكسر) ، لأنّ الجزم في الفعل عوض عن الجر في الاسم في لغتهم ، فكأنّهما متناسبان عندهم تناسبا يخلف به أحدهما مكان الآخر ، فاذا تعذّر أحدهما ناسب ان يقام مقامه الآخر ، مع انّ الانسان إذا خلّي وطبعه وجد من نفسه الالتجاء عند تعذّر النطق بالساكن ـ إلى
__________________
(١) الآية : ٥٢ من سورة النور.
(٢) فان ردّ الألف من : إلى ، وعلى ، إلى الياء كأنّه لاعتبار ان أصلها الياء وقلبت ألفا لتحريكها وانفتاح ما قبلها فالياء فيهما أصلها الحركة لكن اعتبر تسكينها عند الضمير فلذلك لم ينقلب ألفا فسكونها عارض. فتأمّل فيه.