الكسرة المختلسة فكأنّه مجبول على ذلك ، وهي أخف على النفس بالطبع عند تحريك الساكن ، فلذلك جعلت أصلا فيه.
(فان خولف) ذلك الأصل (فلعارض) يتفق في بعض الصور ، (كوجوب الضم في : ميم الجمع) المتلاقية لساكن آخر مثل : لام التعريف في : (لَكُمُ الْيَوْمَ ،) و(عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ*) و(أَنْتُمُ الْفُقَراءُ ، *) و(هُمُ الْمُؤْمِنُونَ*) ونحو ذلك ، فان تلك الميم أصلها الضم بدليل قراءة أهل مكّة إيّاها بالضم مع الوصل بالواو ، نحو : عليكمو ، فالتزم الأكثرون عند تحريكها الرجوع إلى أصلها ، وربّما جاء كسرها في بعض اللّغات على الأصل في تحريك الساكن.
هذا إذا لم تكن تلك الميم مسبوقة بهاء بعد ياء ، نحو : (عَلَيْهِمُ الْقِتالُ*) و(إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ ،) أو بهاء بعد كسرة ، نحو : (بِهِمُ الْأَسْبابُ ،) و(فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ،) فانّ الأشهر في هاتين الصورتين الكسر ، لاعتضاد الأصل في الساكن فيهما بمراعاة اتباع الهاء ، لكن القرّاء خالفوا ذلك وأتوا فيهما أيضا بالضم ، ترجيحا لمراعات الحركة الأصليّة ، إلّا ان أبا عمرو قرأ نحو ذلك بكسر الميم كما هو الأشهر.
(و) كوجوب الضم عند الأكثر في (مذ) عند ملاقاة الساكن ، نحو : مذ اليوم ـ اتباعا للميم ، أو حملا على الغايات الّتي تبني على الضم كقبل ، وبعد ، للتناسب في المعنى ، كما حمل عليها ـ حيث ـ في البناء على الضم في الأفصح الأشهر ، مع اصالة الضم فيه ان كان أصله : منذ ـ بالنون ـ ، وجاء فيه الكسر على أصل التحريك أيضا.
(وكاختيار الفتح) ـ أي كونه راجحا مختارا ـ (في) الميم من (ألم الله) (١) ، توسلا إلى تفخيم الجلالة وان أجاز الأخفش الكسر كما مرّ.
(وكجواز الضم) في الساكن الأوّل للاتباع لما بعد الساكن الثاني من رجحان
__________________
(١) الآية : ١ من سورة آل عمران.