الثالثة مقام الجزء.
ومقابل الأكثر : ما حكى عن بعض العرب من الوقف على تاء نحو : رحمة ، ونعمة ، على لفظها بدون الإبدال ، فيقولون : هذا طلحت ، وخبز الذّرّت مثلا ، وعليه روى قول الراجز :
الله نجّاك بكفّى مسلمت |
|
من بعد ما وبعد ما وبعدمت |
صارت نفوس القوم عند الغلصمت |
|
وكادت الحرّة أن تدعي أمت (١) |
ومسلمة : رجل ، والغلصمت : الحلقوم ، وبعدمت : أصله بعد ما لتكرير ما قبله ، فقلبت الألف تاء لموافقة القوافي ، وكما جاء : في مواضع من القرآن عن بعض السبعة ، كالوقف على ان (شَجَرَةُ الزَّقُّومِ)(٢) و(امْرَأَتَ نُوحٍ)(٣) بالتاء عن جماعة منهم.
(وتشبيه تاء ـ هيهات ـ به) أي بما ذكر من تاء نحو رحمة في الابدال ـ هاء ـ في الوقف (قليل) ، وبه قرأ الكسائيّ ، والبزيّ وافقه في الموضعين في القرآن المجيد ، وقيل : في الثاني فقط ، والأكثر على الوقف عليها بلفظها من غير ابدال ، وبه قرأ الآخرون ، وذلك انّه اسم فعل بمعنى : بعد ، وأصله الّذي نقل عنه مجهول ، فربّما قدر مفردا تشبيها له بنحو : تورية ، وقوقاة (٤) ، من المفردات الّتي توازنها ، على أن
__________________
(١) هذا الأبيات من الرجز المشطور ولم أقف على نسبتها إلى قائل ، ومسلمت : بفتح الميم واللّام ـ اسم شخص ، وأصله مسلمة ، و «ما» في قوله : «من بعد ما» يجوز ان تكون مصدرية ، وان تكون كافة مسوغة لبعد ان يليها الفعل ، وقد كرّر «بعد ما» ثلاث مرات لقصد التهويل وتفخيم الحال ، يريد نجاك الله من الاعداء بكف هذا الرجل المسمّى مسلمة بعد ما كاد يتعسر عليك الافلات وكادت النّساء الحرائر يسبين فيصرن اماء. والاستشهاد على انّ الألف قلبت تاء في قوله : «وبعدمت».
(٢) الآية : ٦٢ الصافات.
(٣) الآية : ١٠ التحريم.
(٤) مصدر قوقت الدجاجة إذا صوتت عند البيض وأصلها : قوقية فقلبت الياء ألفا.