وقد يبني على الضم كالغايات ؛ كما قال معن بن أوس :
لعمرك ما أدري وانّي لأوجل |
|
على أيّنا تغدو المنيّة أوّل (١) |
(و) لتقديم الاشتقاق أيضا كان (انقحل) ـ بالقاف والمهملة ، للشيخ المسنّ جدّا ـ (انفعلا) ـ بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الفاء وسكون العين ـ ، كانزهو ، وإنفخر ، (٢) من الزهو والفخر ، (لأنّه) مشتق (من : قحل) الشيخ كمنع قحولا ، كعلم قحلا ، (أي يبس) جلده على عظمه ، فهو قحل ـ بفتح الحاء ـ كحسن ، وكسرها مثل : كتف ، وانقحل ، ففيه تقديم الاشتقاق على ندرة النظير «لانفعل» المقتضي لكونه ـ خماسيا ـ كاصطبل ، وقرطعب على : «فعلل» كما زعمه أبو الفتح ؛ وقال : تصغيره انيقح ـ بحذف الخامس ـ ، وعلى كونه «انفعلا» أنت مخير بين حذف الهمزة والنون ، فيقال : اقيحل ، ونقيحل.
(و) كان «أفعوان» ـ بالفاء والعين المهملة ، لذكر الافاعي ـ «افعلانا» ـ بضمّ الهمزة وسكون الفاء وضمّ العين ـ كاقحوان ـ للبابونج ـ ، (لمجيء) ما يناسب رجوعه معه إلى أصل واحد في الاشتقاق ، للتناسب اللفظي والمعنوي وهو (أفعي) ، وهو «افعل» بزيادة الهمزة من : الفعوة ـ للسم ـ ، لا «فعلى» بزيادة الألف للتأنيث ـ بدليل الانصارف ، ولا للالحاق ، والالجاز لحوق التاء ، كما يقال : علفاة في : علفى ـ لضرب من النبات ـ ، ولقولهم : أرض مفعاة ـ بفتح الميم ـ أي ذات أفاعي ، وتفعّى : صار كالأفعى في الشر ، فكل ذلك يدل على أصالة الفاء والعين والواو وزيادة البواقي ، فرجّح ذلك على كون الغالب في الواو في غير الأوّل مع ثلاثة
__________________
(١) البيت لمعن بن أوس وكان متزوجا باخت صديق له فطلقها فحلف ان لا يكلمه فقال معن قصيدة صدرها هذا البيت. وأوجل : مضارع من الوجل وهو الخوف. وتغدو : بالغين المعجمة أي تصبح. خلاصة المعنى : لعمرك ما أدري غدو الموت على ايّنا أقدم وانّي الخائف المترقب.
(٢) الزهو : له معان منها : الكبر.