(دللت) أنا دلالات (ثلاثا) أي استدللت بثلاثة دلائل ، (على أن يوجر) كيكرم ، (لا يستقيم) حالكونه (مضارع آجر) بمعنى : انّه لا يستقيم ان يقال : ان آجر على «فاعل» ومضارعه يوجر ، بل هو كقاتل ومضارعه يواجر كيقاتل ، والثلاث هي هذه : «فعالة» جاء والافعال عزّ ، وصحّة آجر) يواجر كقاتل يقاتل ، (تمنع أأجر) ـ بهمزتين كاكرم ، أي يمنع ثبوت ما يكون هنا (١) أصلا له.
فالدليل الأوّل : انّ الاجارة على «فعالة» جاء مجيئا شائعا في مصدر آجر ، كما يقال : آجرت الدّار إجارة ، فيكون آجر على «فاعل» لا «أفعل» ، وأصلها : إجار على «فعال» كقتال ، والتاء للمرة ، واعترض عليه بجواز كونها كالكتابة ، مصدر كتب على ان يكون مصدر أجر يأجر من المجرد ، قال الله تعالى : (أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ)(٢) ، ومنه : الأجير ، بل الظاهر هذا (٣) ، كيف والمرّة في المزيد فيه انّما يبتني من المصدر المطرد المشهور ، و «فعال» ليس مطردا في «فاعل» ، فلا يقال : قتالة واحدة بل مقاتلة واحدة ، مع ان حق ما هو للمرة مع التاء ان لا يستعمل معها إلّا لها ، وان يستعمل بدونها لغير المرة ، وكلّا الأمرين مفقودان في الاجارة ، وامّا قولهم : آجرت الدار إجارة ، فكأنه من نصب المصدر بعد الفعل من غير بابه كأنبته نباتا ، ولعلّه كثر الاستغناء بها عن المصدر الأصلي ، لكونها أخف.
والدليل الثاني : انّ آجر لو جاء على «أفعل» كأكرم لم يكن ما هو على زنة الافعال ـ وهو الايجار ـ عزيزا في مصدره ، لكنه عزيز ، ويرد عليه : انّ المراد بالعزّة ان كان هو القلّة ـ كما هو الظاهر ـ فالملازمة ممنوعة ، لكفاية وروده على قلّة في ثبوت آجر كأكرم في اللّغة في الجملة ، وأصله : بهمزتين ومضارعه يوجر كيكرم ، والخصم لا يدعى أكثر من ذلك ، وان أراد بها العدم بالكلية فبطلان التالي ، وهو
__________________
(١) هكذا في المخطوطات ولكن الظاهر : ما يكون هذا أصلا له. وهذا هو الظاهر.
(٢) الآية : ٢٧ القصص.
(٣) أي ان يكون مصدر أجر يأجر من المجرد.