تسعة وعشرون في لغة العرب ، واخراج الهمزة عن اعداد الحروف المستقلّة ـ كما فعله المبرد ـ نظرا إلى انّها ليس لها صورة مخصوصة في الرسم بل هي تكتب بصورة الألف والواو والياء كأنه ضعيف ولام ألف مركب ، وعدّه حرفا مستقلا من تصرف العوام وجرى عليه الحريري في : رسالته الرّقطاء (١) ، وبعض هذا المعدود مفقود في لغة العجم كالضاد ، وذكروا أنّ الهمزة في العجمية انّما تقع في الابتداء.
ومخارج تلك الحروف على اختلافها من أربع جهات : الحلق ، واللسان ، والشفتان ، والخيشوم ، وابتدأ في ترتيبها بما يكون من أقصى الحلق متدرجا وختم بما يخرجه الشفة (٢) كما فعل سيبويه.
(فللهمزة ، والهاء ، والألف أقصى الحلق) بمعنى أبعده من الفم ، فالهمزة في المنتهى الأسفل الواقع من جانب الصدر ، وبعدها مائلا إلى جانب الفم الهاء ثمّ الألف ، خلافا للأخفش حيث زعم وحدة مخرج الهاء والألف ، واعترض عليه ابن جنى بأنهما لو كانا من مخرج واحد وكان تعددهما للاختلاف في الصفة لانقلبت الألف في الاضطرار إلى تحريكها هاء لا همزة ، لأنّ العدول عنها مع قبولها الحركة واتحاد المخرج مستكره جدّا.
بخلاف ما إذا إختلف مخرجاهما وكان بناء القلب على القرب ، فانّ الهمزة تشارك الهاء في كمال القرب إلى الألف ، لكون الجميع من أقصى الحلق ، وان كانت الهاء أقرب منها إليها فلا استكراه في العدول عن الهاء لخفائها إليها ، فتأمل فيه.
(وللعين ، والحاء) ـ المهملتين ـ من الحلق (وسطه) ، والعين أقرب إلى مخرج الألف ، والحاء بعده إلى جانب الفم.
__________________
(١) الرّقطاء : من الرقطة ـ بالضم ـ هي سواد تشوبه نقطة بياض. والرسالة الرقطاء للحريري رسالة وضعها على لسان أبي زيد السروجي وتأليفها على أن يكون حرف منها منقوطا وحرف غير منقوط.
(٢) وفي نسخة : بما مخرجه الشفة.