(و) امّا(نحو : سيّد) وأصله : سيود ، (وليّة) وأصلها : لوية ـ بفتح اللّام وسكون الواو ـ من لوى يلوي ، وغيرهما ممّا قلبت فيه الواو إلى الياء المقاربة لها في صفة الجهر واللين والتوسط بين الرخاوة والشدّة وادغمت فلا يرد اعتراضا على عدم ادغام تلك الحروف في المقارب ، لأنّ الادغام في نحو ذلك في المماثل لا في المقارب ، وذلك لأنهما(انّما ادغما لأنّ الاعلال) اللّازم فيهما وهو قلب الواو إلى الياء المناسبة لها في تلك الصفات كما مرّ(صيّرهما مثلين) والقصد انّما توجه إلى الادغام بعد القلب المتماثل الحاصل بعده وليس سابقا في القصد على اعتبار الاعلال حتّى يكون الادغام للتقارب والاعلال للادغام ، هذا ما يناسب كلام المصنف ههنا.
وأورد عليه ان ذلك الاعلال لو كان لمجرد استثقال الاجتماع كان جاريا مع تحرك السابق نحو طويل مع عدم جريانه فيه ، فحيث اختصّ بما إذا سكن السابق عرفتا انّ السبب فيه قصد الادغام لسكون السابق مع الاستثقال المذكورة كما مرّ ، فقصده متقدم على حصول المماثلة بالاعلال ، ودعوى ان اجتماعهما مع سكون السابق أثقل من العكس فلذلك اختصّ الاعلال به لا يخلو عن تعسف ، فتأمل.
ولعلّ الأظهر ان امتناع ادغام حروف ـ ضوى مشفر ـ في مقاربها انّما هو فيما يزول فيه فضيلة المدغم على ما يناسبه النكتة المذكورة كالشين ، في الجيم ، بخلاف الواو في الياء لاشتراكهما في فضيلة اللين ، وشهادة الاستقراء على ذلك (١) كليّا كما هو ظاهر كلامهم ممنوعة ، فلعلّهم قصدوا في نحو : سيّد الادغام في أوّل الأمر لثقل الاجتماع وسكون الأوّل المناسب للادغام ، فتأمل فيه.
(وادغمت النون) الّتي هي أقوى في الغنة من الميم (في اللّام والرّاء) المتقاربتين لها في المخرج نحو : من ربّك ، ومن لدنك ، وان زالت الغنة بهذا الادغام في لغة الأكثر ، ولا يقدح ذلك في المنع عن ادغام الميم في المتقارب لحفظه الغنة لأن حفظها
__________________
(١) أي على امتناع الادغام.