انّما يراعي فيما لم يكن فيه داع أقوى إلى الادغام كما هنا ، فانّ النون في معرض الخفاء ويحتاج بيانها مع غير حروف الحلق إلى اعتماد قويّ ونبرة فيها وهي بالنون والموحدة والمهملة ـ رفع الصوت ـ وذلك مكروه عند الذوق ، بخلاف الميم ، فادغام النون (لكراهة نبرتها) اللّازمة من اظهارها معهما ، ولم يختاروا اخفائها معهما كاخفائها مع نحو الكاف والدال لأنهما أقرب مخرجها إليها من نحو ذلك مع التناسب في الجهر ونحوه فكأنهم خصوهما بالادغام المناسب للمتماثل تنبيها على اختصاصهما بكمال التقارب.
(و) ادغمت النون (في الميم ـ وان لم يتقاربا ـ) في المخرج ، (لغنتهما) فنزل اشتراكهما في هذه الصفة الفضيلة منزلة التماثل ، (و) ادغمت النون أيضا(في الواو ، والياء) نحو : من يوم ، ومن وال ، مع عدم التقارب في المخرج (لامكان بقائها) ـ أي الغنة ـ عند ادغامهما فيهما فلا تزول فضيلتها وذلك عند سيبويه وسائر النحاة باشراب صوت الفم شيئا من الغنة ، لزوالهما عن النون إذا صارت واوا أو ياء بالادغام التام فيهما ، لتجردهما عن الغنة فلا تحصل بعد الادغام بدون ذلك الاشراب ، ثمّ ان هذا الاشراب يتأتى مع ادغامها في كل ما خلا عن الغنة ، ولذلك يقع ادغام النون في اللّام والراء مع الغنة في لغة بعض العرب.
واختار بعض المحققين انّ الادغام مع الغنة ليس بتمام بل ناقص متوسط بين الادغام التام والاخفاء فبقاء الغنة لبقاء أثر النون وهو الراجح في ادغامهما في الواو والياء لنقصان تقاربها لأنه في بعض الصفات كالجهر دون المخرج والادغام انّما هو للتقارب ، فالمناسب نقصانه عند نقصانه ، بخلاف اللّام والراء المتقاربتين لها في المخرج وبعض الصفات أيضا فانّ الراجح فيهما الادغام التام الّذي تزول معه الغنة لقوة التقارب.
ثمّ ان ما ذكر من المنع من ادغام حروف ـ ضوى مشفر ـ في المقارب مذهب النحاة وأكثر القرّاء ، (وقد جاء) الادغام في المقارب في بعضها. عن بعض القراء ، كما