فسمّاك بالوزير لمؤازرتك له على حمل الأعباء ، ووكد هذا الاسم «بالأجل» لأنك أجلّ الوزراء ، وعزّز ذلك «بصفي أمير المؤمنين وخالصته» إذ كنت أعزّ الخلصاء والأصفياء ، وشرّفك بالتكنية تسميقا بك في العلياء ، ودعا لك بأن يمتعه الله بك ويؤيدك ويعضدك ، دعاء يجيبه فيك رب السماء ، فأنت «الوزير ، الأجل ، صفي أمير المؤمنين ، وخالصته المحبو بالمن الجسيم (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (١) ، وأمر أمير المؤمنين بأن تدعى بهذه الأسماء ، وتخاطب ، وتكتب بها عن نفسك وتكاتب ، ورسم ذكر ذلك فيما يجري من المحاورات ، واثباته في ضروب المكاتبات ، ليثبت ثبوت الاستقرار ويبقى رسمه على مر الليالي والنهار ، فاحمد الله تبارك وتعالى على تمييز أمير المؤمنين لك بتشريفه واختصاصه ، وإحلاله إياك أعلى محالّ خواصه ، واجر على سننك الحميد في خدمته ، ومذهبك الرشيد في مناصحته ، إذ كان قد فوّض إليك أمر وزارته وجعلك الوسيط بينه وبين أوليائه وأنصار دعوته ، وولاة أعمال مملكته ، وكتّاب دواوينه ، وسائر عبيده ورعيته شرقا وغربا وقربا وبعدا (٢) وأمضى توقيع من تنصبه للتوقيع عن أمير المؤمنين في الإخراج والإنفاق والإيجاب والإطلاق ، وناط بك أزمّة الحلّ والعقد والإبرام (٥١ ظ) والنقض والقبض ، والبسط والاثبات ، والحط والتصريف والصرف ، تفويضا إلى أمانتك التي لا يقدح فيها معاب ، وسكونا إلى ثقتك التي لا يلمّ بها ارتياب ، وعلما بأنك تورد وتصدر عن علم وحزم ، تفوق فيهما كل مقاوم ، ولا تأخذك في المناصحة لأمير المؤمنين ، والاحتياط له «لومة لائم» ، وجميع ما يوصي به غيرك ليكون له تذكرة ، وعليه حجة ، فهو مستغنى عنه معك ، لأنك تغني بفرط معرفتك عن التعريف ، ولا تحتاج مع وقوفك على الصواب ، وعلمك به الى توقيف ، غير أنّ أمير المؤمنين يؤكد عليك الأمر بحسن النظر
__________________
(١) القرآن الكريم ـ الحديد : ٢١.
(٢) في الأصل : «قربا وقربا» وهو خطأ اقتضى التبديل.