وفيها وردت الأخبار من مصر بغلاء الأسعار فيها ، وقلة الأقوات في
__________________
الأقحوانة ، وجاء أميران أخوان من سنبس ، فقتلهما لأجل غارات كانت لهما بالشام قبل وصوله إليه ، ثم صار يشق حلل العرب : كلب وطيء وغيرها شقا ، وفعل فعلا لم يسبقه أحد إليه حتى وصل دمشق ، فنزل قصر السلطان بظاهرها ، وأقام سنة وكسر ، فأمن الناس لهيبته ، ثم قبض على ابن أبي الرضا ، خليفة الشريف القاضي ، المكنى بأبي الفضل اسماعيل بن أبي الجن العلوي ، وعلى جماعته ، وأخذ منهم عشرة آلاف ، ووهبها لحازم بن جراح ، المفرج عنه من مصر ، وكان قد هرب إليه ، فأعطاه المال استكفافا له عن معاونة الشريف أبي طاهر بن أبي الجن ، المنفذ معه حازم لافساد أمر بدر بالشام ، وإثارة أهل دمشق عليه ، ولما فعل بدر بالمذكورين ما فعل ، ثار أهل دمشق عليه ، وأغلقوا أبوابها وحاربوه ، وساعدهم حصن الدولة ابن منزو ، وراسلهم مسمار بن سنان الكلبي ، وراسلوه وحالفوه ، وجاءت عرب مسمار ، فأغارت على قصر السلطنة بدمشق بظاهرها ، وعادوا لبدر الجمالي وراوحوه ، فأنفذ ثقله وأهله إلى صيدا ، ومضى خلفهم إليها ، وجمع ابن منزو عسكره وعسكر دمشق لقصد بدر ، فلما عرف ذلك رجل إلى صور وحاصرها ، ومتوليها القاضي الناصح ، ثقة الثقات ، عين الدولة أبو الحسن محمد بن عبد الله بن أبي عقيل ، فحاصرها أياما وقرب منه ابن منزو ، وسار إلى عكا ، وأقام أياما دخل فيها بزوجته بنت رقطاش التركي ، ومضى إلى عسقلان [ثم عاد إلى دمشق] وجاء الشريف ابن أبي الجن من مصر إلى دمشق ، وكان أهلها هدموا قصر السلطنة ودرسوه ، وكان عظيما يسع ألوفا من الناس ، وأقام على دمشق سبعة وعشرين يوما ، ومعه حازم وحميد ابنا جراح اللذان اتفقا مع الشريف على الفتك ببدر ، وكان حميد قد طمع من بدر في مثل ما فعله مع حازم ، ولما عجز بدر عن دمشق عاد إلى عكا لأن الشريف والعساكر دفعوا عنها ، ولما رحل عن دمشق ، اختلف العسكر وأحداث البلد ، فنهب العسكر بعض البلد ، ونادوا بشعار بدر الجمالي ، واستدعوا منه صاحبا يكون عندهم فأنقذ إليهم رجلا يعرف بالقطيان في جماعة من أصحابه ، فدخل دمشق وهرب الشريف ابن أبي الجن وولدا ابن منزو ، وكان أبوهما قد مات على صور في هذه السنة ، فنزل ابنا منزو على الكلبيين ، وسار الشريف طالبا مصر ، فاجتاز بعمّان البلقاء ، وبها بدر بن حازم صاحبها ، فقبض على الشريف وباعه من بدر الجمالي باثني ألف دينار ، فقتله أمير الجيوش بعكا خنقا.
وبعث بدر الجمالي إلى دمشق علويا يعرف بابن أبي شوية من أهل قيسارية وأمره بمصادرة الشريف أبي الفضل بن أبي الجن أخي المقتول ، وجماعة من