التي في يده إليه ، وكان جكرمش قد جمع مالا عظيما من الجزيرة والموصل ، وكان جميل السيرة (١) في الرعية ، عادلا في ولايته ، مشهورا بالانصاف في أعمال إيالته ، فلما عرف قلج أرسلان بن سليمان ما كتب به إليه ولد جكرمش ، أجابه الى ملتمسه ، وسار نحوه في عسكره ، ووصل الى نصيبين ، واستدعى ابن جكرمش من الموصل ، فسار إليه ، ودخل قلج أرسلان إلى نصيبين ، لأنه كان في بعض عسكره وباقيه في بلاد الروم لإنجاد ملك القسطنطينة على الأفرنج ، ولما تقارب عسكر قلج من عسكر جاولي سقاوة ، والتقت طلائع الفريقين ، ظفر قوم من أصحاب قلج بقوم من أصحاب جاولي فقتلوا بعضا ، وأسروا بعضا ، فرحل جاولي يطلب عسكر قلج ، وقد عرف أنه قد انفذ يستدعي بقية عسكره من بلاد الروم ، وأنه في قل ، وطلب ناحية الخابور ، وتوجه منها إلى الرحبة ، ونزل عليها وضايقها ، وراسل محمدا واليها من قبل الملك شمس الملوك دقاق صاحب دمشق ـ وعنده الملك أرتاش بن تاج الدولة الهارب من دمشق بعد وفاة الملك دقاق أخيه مقيما ـ بالتسليم إليه ، فلم يحفل بمراسلته ، وآيسه من طلبته ، فأقام عليها مضايقا لها مدة.
ووصل إليه الأمير نجم الدين ايل غازي بن أرتق ، في جماعة وافرة من عسكره التركمان ، واستنجد عليها بالملك فخر الملوك رضوان ، فوصل إليه في عسكره بعد أن هادن طنكرى صاحب أنطاكية ، فلما فصل عن حلب ، وعرف جوسلين صاحب تل باشر بعده عن حلب ، واصل الغارات على أعمالها من جميع جهاتها ، ولم يزل جاولي مقيما على الرحبة منذ أول رجب والى الثاني والعشرين من شهر رمضان ، وزاد الفرات زيادته المعروفة ، فركب أصحاب جاولي الزواريق وصعدوا (٨٥ ظ) طالبين سور البلد بمواطأة من بعض أهل
__________________
(١) في الأصل «الصورة» وهي تصحيف صحح من مرآة الزمان حيث ينقل رواية ابن القلانسي هذه ـ أخبار سنة ـ ٥٠٠ ه ـ.