البلد ، فلم يتهيأ لهم أمر مع من واطأهم ، بل هجموا السور ، وملكوا البلد ونهبوه ، وصادروا جماعة من أهله ، واستخرجوا ذخائرهم بالعقوبة ، ثم أمر جاولي برفع النهب ، وأمن الناس وردهم إلى منازلهم ، وتسلم القلعة بعد خمسة أيام ، في الثامن والعشرين من شهر رمضان ، وأقر إقطاع محمد واليها عليه واستحلفه ، وقبض عليه بعد أيام لأمر بلغه عنه ، فأنكره منه ، واعتقله في القلعة ، وحصل الملك أرتاش في جملة سقاوة ، ولم يتمكن من التصرف في نفسه ، وكان محمد هذا الوالي قد راسل قلج أرسلان بن سليمان أولا بالاستصراخ به ، وطلب المعونة على دفع جاولي عن البلد ، فتوجه نحو الرحبة في عسكره ، وبلغه خبر فتحها ، فعاد ونزل على الشمسانية (١) ولم يكن في نيته لقاء جاولي ، ورحل جاولي ونزل ماكسين (٢) وعزم على التوجه إلى ناحية الموصل ، ومعه فخر الملوك رضوان فاتفق أنهم قصدوا عسكر قلج ، فالتقى الفريقان في يوم الخميس التاسع من شوال ، وكان الزمان صيفا واشتدت وقدة الحر ، وحميت الرمضاء ، فهلك أكثر خيل الفريقين ، وحمل عسكر قلج أرسلان على عسكر جاولي ، وقصد جاولي قلج أرسلان في الحملة وضربه بالسيف عدة ضربات ، فلم تؤثر فيه ، وانهزم عسكر قلج أرسلان ، وفصل عنه صاحب آمد وقت الحرب ، مع صاحب ميافارقين ، وانهزم الباقون ، ووقع السيف في أصحاب قلج أرسلان ، وسقط قلج مع الهزيمة في الخابور فهلك في الماء ، ولم يظهر ، وبعد أيام وجد هالكا (٣).
__________________
(١) في الأصل : السمانية وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا مما نقله سبط ابن الجوزي عن ابن القلانسي. وفي معجم البلدان : الشمسانية بليدة بالخابور.
(٢) مدينة بالجزيرة على الخابور ، بينها وبين قرقيسيا سبعة فراسخ وبين ماكسين وبين سنجار اثنان وعشرون فرسخا. تقويم البلدان : ٢٨٢ ـ ٢٨٣.
(٣) في تاريخ ميافارقين : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ في أخبار سنة ٤٩٨ ه ، «وفي هذه السنة أنفذ الوزير ضياء الدين محمد [الذي كان رتبه الملك بميافارقين] إلى السلطان قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش يستدعيه إلى ميافارقين ، وكان الملك سليمان بن قتلمش قد ورد من عند ملكشاه وفتح بلاد الروم ، وملطية وأقصر ـ والأصل «آق سرا» أي مدينة بيضاء ـ وقونية وسيواس ، وجميع