وعاد جاولي إلى الموصل (١) ، وعاد عنه الملك فخر الملوك رضوان إلى حلب خوفا منه ، وأخذ جاولي نجم الدين ايل غازي بن أرتق ، وطالبه بالمال الذي أنفقه في التركمان ، فصالحه على جملة يدفعها إليه ، وأخذ رهانه عليها إلى أن يؤديها ، وأقام له بها فيما بعد.
__________________
ولاية الروم ، وبقي فيها ، واستبد بها ، فلما مات ولي ولده قلج أرسلان ، فلما أنفذ إليه الوزير محمد حضر ، ودخل ميافارقين في سابع عشرين جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وأربعمائة ، وملك ميافارقين وبقي مدة ، واستوزر الوزير محمد ، وحضر إلى خدمته أمراء جميع ديار بكر : الأمير ابراهيم صاحب آمد ، والسبع الأحمر من أسعرد ، وسكمان بن أرتق ، والأمير شاروخ وحسام الدين ، وولى ميافارقين مملوك أبيه خمرتاش السليماني ، وكان أتابكه ، وخرج من ميافارقين وأخذ معه الوزير محمد ، وأقطعه مدينة أبلستين ، وأقام بملطية ، وجمع العساكر ، وعاد نزل إلى باب الموصل ، وصافف جاولي سقاوة مملوك السلطان محمد فكسره سقاوة ، وعاد منهزما وغرق في الخابور سنة تسع وتسعين وأربعمائة».
(١) يبدو أن الفارقي صاحب تاريخ ميافارقين كتب كتابه هذا أكثر من مرة ، وفي كل مرة يزيد أو يحذف أو يعدل ، فقد نقل عنه سبط ابن الجوزي ـ أخبار سنة ٥٠٠ ه ـ معلومات أعم فائدة مما أثبتناه في الصفحة الماضية وجاء فيها : «وقال صاحب تاريخ ميافارقين أن السلطان محمد بعث جاولي لحرب الفرنج ، وكتب إلى أمراء البلاد بطاعته ، فلما وصل الموصل أنف جكرمش أن يتأمر عليه جاولي ، فحاربه فهزمه جاولي ، فدخل الموصل مجروحا ، فأقام يومين ومات ، واستنجد ولده بقلج أرسلان ـ وقيل اسمه ابراهيم بن سكمان ـ صاحب آمد ، وسار جاولي إلى حلب لينجد رضوان على الفرنج ، وجاء قلج فدخل الموصل ، واستولى عليها ، وخطب لنفسه بعد الخليفة ، وأسقط خطبة السلطان محمد شاه ، وبلغ جاولي وهو على حلب ، فعاد إلى الموصل ، فخرج إليه قلج فاقتتلا قتالا شديدا ، وأحيط بقلج وبأصحابه ، فألقى نفسه في الماء فغرق ، ودخل جاولي الموصل ، وكان بها مسعود بن قلج أرسلان ، وهو صبي ، فقبض عليه ، وبعث به إلى السلطان ، فاعتقله مدة ، ثم أفلت ، فأتى ملطية وبها بعض مماليك أبيه ، فأطاعه ، وتقررت له المملكة ببلاد الروم ، فمسعود هذا جد ملوك الروم».