فخاطبوه بذلك وهو ساكت حائر وقد بان ذلك في وجهه ، فلما رأوه كذلك خافوا أن يعود عن تسليم البلد ، [واجتمع أكثر الناس ، فصاح من كان قد احترقت داره وهم كثير بقسام : انتقم الله ممن أذلنا وأحرق دورنا وشتتنا وتركنا مطرحين على الطريق ، فوجب قلبه من سماع صياحهم وقال : أسلم البلد](١) على أمان لي ولأصحابي (٢١ و) فعاد المشايخ إلى بلتكين القائد وأعلموه الخطاب والجواب فأجابهم إلى ما طلب ، وقال لهم : نريد أن ننزل على هذا البلد في هذا اليوم ، فقالوا : افعل ما تحب وتوثر فولى البلد حاجبا يقال له خطلخ في خيل ورجل فدخل المدينة من يومه ، وكان مبدأ الحرب في هذه النوبة يوم الخميس لعشر بقين من المحرم سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة والدخول إلى البلد يوم الخميس لثلاث بقين منه ، ولم يعرض لقسّام ولا لأحد من أصحابه ، وتفرق أصحابه عنه ، وأقام يومين واستتر ، وقيل هرب فصاروا إلى داره وأخذوا ما فيها وحولها من دور أصحابه ، وطلب ، فلم يوجد ، ونودي عليه وبذل لمن يظهره خمسون ألف درهم ، ولمن يدل على مكان [أولاده](٢) عشرون ألفا ، فقال لهم قائل : «هو في كنيسة اليهود بين البطاين» فجاؤوا إلى الديّان وقالوا : نريد أن نخرب هذه الكنيسة أو نحرقها بالنار فإن قسّاما فيها ، فأصعدهم ، ودار بهم فيها فلم يروا أثرا ولا عرفوا له خبرا ، فلما أخذت امرأته وولده ، قالت لمن سمع منها : ما تنتظر يا مشوم ، وكان عند رجل في الحائر (٣) ولم يفطن به أحد ، فخرج في الليل إلى العسكر ، فوقف على خيمة منشا الكاتب ، وقال : رجل يريد أن يدخل الى الرئيس ، فقالوا : ومن هو ، قال : قسام ، فدخل عليه على غير أمان ، فبعث إلى القائد بلتكين فأعلمه
__________________
(١) وقع سقط بالأصل لم يتنبه له الناسخ ، وتم تدارك ما بين الحاصرتين من اتعاظ الحنفا : ١ / ٢٥٧.
(٢) في الأصل مكانه والتقويم من اتعاظ الحنفاء : ١ / ٢٥٨ وحسب سياق بقية الخبر.
(٣) أي البستان أو ما يشبه ذلك من الأمكنة المضروب حولها جدار أو سور.