إلى دمشق ، وطالبا قصد الأفرنج ، والعسكر الدمشقي ، وكان الأفرنج حين اجتمعوا مع العسكر الدمشقي ، قد قصدوا بصرى لمنازلتها ومضايقتها ومحاربتها فلم يتهيأ ذلك لهم ، وظهر إليهم سرخاك واليها في رجاله ، وعادوا عنه خاسرين ، وانكفأ عسكر الأفرنج إلى أعماله في العشر الأوسط من شهر ربيع الأول من السنة ، وراسلوا مجير الدين ومؤيده ، يلتمسون باقي المقاطعة المبذولة لهم على ترحيل نور الدين عن دمشق ، وقالوا : لولا نحن ندفعه ما رحل عنكم.
وفي هذه الأيام ورد الخبر بوصول الاصطول المصري إلى ثغور الساحل في غاية من القوة ، وكثرة العدة والعدة ، وذكر أن عدة مراكبه سبعون مركبا حربية مشحنة بالرجال ، ولم يخرج مثله في السنين الخالية ، وقد أنفق عليه ما حكي وقرب ثلاثمائة ألف دينار ، وقرب من يافا من ثغور الأفرنج فقتلوا وأسروا وأحرقوا ما ظفروا به ، واستولوا على عدة وافرة من مراكب الروم والأفرنج ، ثم قصدوا ثغر عكا ، وفعلوا فيه مثل ذلك ، وحصل في أيديهم عدة وافرة من المراكب الحربية الأفرنجية ، وقتلوا من حجاج [الأفرنج] وغيرهم خلقا عظيما ، وأنفذوا ما أمكن الى ناحية مصر ، وقصدوا ثغر صيدا وبيروت وطرابلس ، وفعلوا فيها مثل ذلك.
ووعد نور الدين بمسيره الى ناحية الأسطول المذكور لإعانته على تدويخ الأفرنجية ، واتفق اشتغاله بأمر دمشق ، وعوده إليها لمضايقتها ، وحدث نفسه بملكتها لعلمه بضعفها ، وميل الأجناد والرعية إليه ، وإشارتهم لولايته وعدله ، وذكر أن نور الدين أمر بعرض عسكره وحصره ، فذكر أنه بلغ كمال ثلاثين ألف مقاتلة ، ثم رحل ونزل بالدلهمية من عمل البقاع ، ثم رحل منها طالبا نحو دمشق ، ونزل في (١٧١ و) أرض كوكبا من غربي داريا في يوم السبت الحادي والعشرين من ربيع الأول ، وغارت الخيل على طريق حوران الى دمشق ، فاشتملت على الشيء الكثير من الجمال والغلة والمواشي ،