وغاروا على ناحية الغوطة والمرج ، واستاقوا ما صادفوا من المواشي ، ثم رحل عن هذا المنزل في يوم الاثنين ، ونزل من أرض داريا الى جسر الخشب ، ونودي في البلد بخروج الأجناد والأحداث إليه ، فلم يظهر منهم إلا اليسير ممن كان يخرج أولا (١).
وفي يوم الأربعاء الرابع والعشرين من الشهر ، رحل من هذا المنزل ، ونزل في أرض القطيعة (٢) وما والاها ، ودنا منها بحيث قرب من البلد ، ووقعت المناوشة بين الفريقين من غير زحف ، ولا شد في محاربة.
وورد الخبر الى نور الدين بتسليم نائبه الأمير حسان (٣) المنبجي مدينة تل باشر بالأمان في يوم الخميس الخامس وعشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وأربعين ، وضربت في عسكره الطبول والكوسات والبوقات بالبشارة ، وورد مع البشير جماعة من أعيان تل باشر ، لتقرير الأحوال.
واستمر رأي نور الدين على [وقف](٤) الزحف الى البلد ، ومحاربة أهله وعسكريته تحرجا من قتل المسلمين ، وقال : لا حاجة الى قتل المسلمين بأيدي بعضهم بعضا ، وأنا أرفههم ليكون بذل نفوسهم في مجاهدة المشركين ، وحدثت مع هذه النية تردد المراسلات في عقد الصلح في أيام من شهر ربيع الآخر على شروط أشير اليها ، واقتراحات عين عليها ، وتردد فيها الفقيه برهان الدين البلخي ، والأمير أسد الدين شيركوه ، وأخوه نجم الدين أيوب ،
__________________
(١) زاد سبط ابن الجوزي في روايته معللا عدم استجابة الأجناد والأحداث بقوله : «لما وقر في نفوسهم من استنجاد مجير الدين وابن الصوفي بالفرنج». مرآة الزمان : ١ / ٢١٠.
(٢) قرية ظاهر دمشق قرب ميدان الحصا. غوطة دمشق : ٢٣٥ ، ٢٤٢.
(٣) في الأصل «الأمير نائبه الأمير حسن» وحذفت عبارة الأمير الأولى واستبدلت عبارة حسن بحسان لأنها مصحفة صوابها ما أثبتنا ، وقد ورد اسم حسان فيما مضى. انظر زبدة الحلب : ٢ / ٣١٠. الروضتين : ١ / ٨١.
(٤) زيد ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.