سكنها محركها بلطفه ورحمته ، فله الحمد الرؤوف بعباده ، الرحيم ، ولم يعلم تأثيرها في الأماكن النائية ، فسبحان القادر على ما يشاء العليم الحكيم.
وفي العشر الأول من شهر ربيع الآخر من السنة ، ورد الخبر من ناحية حلب بوفاة أبي الفضل اسماعيل بن وقار الطبيب ، في يوم الجمعة آخر شهر ربيع الأول ، رحمهالله ، وكان في خدمة الملك العادل نور الدين ، أعز الله أنصاره ، وكان قد حظي عنده بإصابات في صنائعه وقرب سعادته ، مع ذكاء فيه ، ومعرفة ، بكونه سافر الى بغداد من دمشق ، واجتمع بجماعة من فضلائها ، وقرأ عليهم ، وأخذ عنهم هذا مع خبرته ، وحميد طريقته ، واجتماع الناس على إحماده ، والتأسف على فقد مثله ، في حسن فعله ، لكن القضاء لا يدافع ، والمقدور لا يمانع.
وفي يوم الجمعة التاسع من جمادى الأولى ، من السنة ، هبت ريح شديدة ، أقامت يومها وليلتها فأتلفت أكثر الثمار صيفيها وشتويها ، وأفسدت بعض الأشجار ، ثم وافت آخر الليل زلزلة هائلة ، ماجت موجتين أزعجت وأقلقت ، وسكنها محركها ، وحرس المساكين مثبتها برحمته وقدرته ، فله الحمد والشكر ، رب العالمين.
وفي جمادى الأولى من السنة ، في أوله تناصرت الأخبار المبهجة ، من ناحية العسكر المنصور الملكي النوري بأعمال حلب ، بتواصل الأمراء المقدمين ، ولاة الأعمال ، المجاهدة في أحزاب الكفرة الضلال من الروم والأفرنج ، لقصد الأعمال الاسلامية ، والطمع في تملكها ، والافساد فيها ، والحماية لها من شرهم ، والذب عنها من مكرهم ، في التناهي في الكثرة ، والأعداد الدثرة ، فقضى الله بحسن لطفه بعباده ، ورحمته ، ورأفته ببلاده ، أن سهل للعزائم المنصورة الملكية النورية ، من صائب الرأي والتدبير ، وحسن السياسة والتقرير ، وخلوص النية لله تعالى ، وحسن السريرة ، بحيث المهادنة المؤكدة ، والموادعة المستحكمة بين الملك العادل نور الدين وملك الروم ، ما لم يكن في