يعرف بالتفليسي والآخر يوانيس ، فأشارا عليه بدخول البلد وملازمة الحمام فامتنع عليهما ، وقال لهما : أنا بإزاء وجه أريد قصده وإذا عدت وقع الارجاف بي وكان في العود طيرة عليّ ، ثم زاد ما يجده ، فدخل فعالجاه فأبل واستقل وكتب إلى أصحابه يذكر عافيته ، فأوصل الناس إليه حتى شاهدوا حاله وهنوه بالسلامة ، وكان المستولي على أمره والمقدم عنده في رأيه لؤلؤ الكبير الذي تقدم ذكره ، فلما كان في اليوم الثالث من أكله الفروج (١) ، زين له البلد ليركب فيه من غد ويعود إلى العسكر ، فاتفق أن حضرت عند فراشه ليلة اليوم الذي عمل على الركوب فيه جارية تسمى إنفراد وكان يتحظاها ويقومها على سواها من سرياته وهن أربعمائة جارية ، فتتبعتها نفسه ، وواقعها فلما فرغ سقط عنها وقد جف نصفه ، وبادرت الجارية إلى أخته فأعلمتها صورته ، فدخلت إليه وهو يجود بنفسه ، واستدعت طبيبيه فحضرا وشاهداه ، وتعرفا المسبب فيما لحقه فعرفاه (٢) ، وأشارا بسجر (٣) الند والعنبر حوله إلى أن يفيق قليلا وتثوب قوته ، فلما كان ذلك عادا إليه ، وقال له التفليسي : أعطني أيها الأمير يدك لآخذ مجستك ، فأعطاه اليسرى ، فقال : يا مولانا اليمين ، فقال : يا تفليسي ما تركت لي اليمين يمينا ، ومضت عليه ثلاث ليال قضى بعد أن قلّد
__________________
(١) لم يذكر المؤلف من قبل أكلة الفروج هذه ، فلعل الأصل ألم به سقط ، ولدى العودة إلى المصادر الأخرى لم أجد لها ذكرا ، ورأيت في مخطوط مرآة الزمان ، وفيات سنة ٣٨١ «وكان مستولي على أمره لؤلؤ الكبير وقد ذكرناه ، وزين البلد ، ولم يبق إلا أن يصبح فيركب ، وكان له أربعمائة سرية ...» ويستفاد من جملة الخبر أن سعد الدولة بعد اصابته بالقولنج أدخل البلد لمعالجته داخل الحمّام وأنه أطعم بعد شفائه لحم فروج ، وأستبعد أن يكون قد ألم بالعبارة أي تصحيف كالقول : «اليوم الثالث من ابلائه عزم على الخروج ، فزين له ...» انظر تاريخ يحيى بن سعيد : ١٧٤. ذيل تجارب الأمم : ٢١٦. زبدة الحلب : ١ / ١٨٠ ـ ١٨١.
(٢) أي سألا عن السبب فأوضح لهما.
(٣) في الأصل «بشجر الند» وهو تصحيف صوابه ما أثبتناه ، أي أشارا باحراق الند.