وإذا التقت الهمزتان والأولى مضمومة والثانية مفتوحة من كلمتين نحو : (السُّفَهاءُ أَلا) ، ففي ذلك أوجه :
أحدها : تحقيق الهمزتين ، وبذلك قرأ الكوفيون ، وابن عامر. والثاني : تحقيق الأولى وتخفيف الثانية بإبدالها واوا كحالها إذا كانت مفتوحة قبلها ضمة في كلمة نحو : أو اتي مضارع آتى ، فاعل من أتيت ، وجؤن تقول : أواتي وجون ، وبذلك قرأ الحرميان ، وأبو عمرو. والثالث : تسهيل الأولى بجعلها بين الهمزة والواو ، وتحقيق الثانية. والرابع : تسهيل الأولى بجعلها بين الهمزة والواو وإبدال الثانية واوا. وأجاز قوم وجها. خامسا : وهو جعل الأولى بين الهمزة والواو ، وجعل الثانية بين الهمزة والواو ، ومنع بعضهم ذلك لأن جعل الثانية بين الهمزة والواو تقريبا لها من الألف ، والألف لا تقع بعد الضمة ، والأعاريب الثلاثة التي جازت في : هم ، في قوله : (هُمُ الْمُفْسِدُونَ) ، جائزة في : هم ، من قوله : (هُمُ السُّفَهاءُ).
والاستدراك الذي دلت عليه لكن في قوله : (وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) ، مثله في قوله تعالى : (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) ، وإنما قال هناك لا يشعرون وهنا لا يعلمون لأن المثبت لهم هناك هو الإفساد ، وهو مما يدرك بأدنى تأمل ، لأنه من المحسوسات التي لا تحتاج إلى فكر كثير ، فنفى عنهم ما يدرك بالمشاعر ، وهي الحواس ، مبالغة في تجهيلهم ، وهو أن الشعور الذي قد يثبت للبهائم منفي عنهم ، والمثبت هنا هو السفه ، والمصدر به هو الأمر بالإيمان ، وذلك مما يحتاج إلى إمعان فكر واستدلال ونظر تام يفضي إلى الإيمان والتصديق ، ولم يقع منهم المأمور به فناسب ذلك نفي العلم عنهم ، ولأن السفه هو خفة العقل والجهل بالمأمور ، قال السموأل :
نخاف أن تسفه أحلامنا |
|
فنجهل الجهل مع الجاهل |
والعلم نقيض الجهل ، فقابله بقوله : لا يعلمون ، لأن عدم العلم بالشيء جهل به. قرأ ابن السميفع اليماني ، وأبو حنيفة : وإذا لاقوا الذين وهي فاعل بمعنى الفعل المجرد ، وهو أحد معاني فاعل الخمسة ، والواو المضمومة في هذه القراءة هي واو الضمير تحركت لسكون ما بعدها ، ولم تعد لام الكلمة المحذوفة لعروض التحريك في الواو ، واللقاء يكون بموعد وبغير موعد ، فإذا كان بغير موعد سمي مفاجأة ومصادفة ، وقولهم لمن لقوا من المؤمنين : آمنا ، بلفظ مطلق الفعل غير مؤكد بشيء تورية منهم وإيهاما ، فيحتمل أن يريدوا به الإيمان بموسى وبما جاء به دون غيره ، وذلك من خبثهم وبهتهم ، ويحتمل أن يريدوا به