بمحذوف ، فيكون حالا ، والتقدير : كلوا حلالا مما في الأرض. فلما قدمت الصفة صارت حالا ، فتعلقت بمحذوف ، كما كانت صفة تتعلق بمحذوف. وقال ابن عطية : مقصد الكلام لا يعطي أن تكون حلالا مفعولا بكلوا ، تأمل. انتهى.
طيبا : انتصب صفة لقوله : حلالا ، إما مؤكدة لأن معناه ومعنى حلالا واحد ، وهو قول مالك وغيره ، وإما مخصصة لأن معناه مغاير لمعنى الحلال وهو المستلذ ، وهو قول الشافعي وغيره. ولذلك يمنع أكل الحيوان القذر وكل ما هو خبيث. وقيل : انتصب طيبا على أنه نعت لمصدر محذوف ، أي أكلا طيبا ، وهو خلاف الظاهر. وقال ابن عطية : ويصح أن يكون طيبا حالا من الضمير في كلوا تقديره : مستطيبين ، وهذا فاسد في اللفظ والمعنى. أما اللفظ فلأن طيبا اسم فاعل وليس بمطابق للضمير ، لأن الضمير جمع ، وطيب مفرد ، وليس طيب بمصدر ، فيقال : لا يلزم المطابقة. وأما المعنى : فلأن طيبا مغاير لمعنى مستطيبين ، لأن الطيب من صفات المأكول ، والمستطيب من صفات الآكل. تقول : طاب لزيد الطعام ، ولا تقول : طاب زيد الطعام ، في معنى استطابه. وقال الزمخشري في قوله طيبا : طاهرا من كل شبهة. وقال السجاوندي : حلالا مطلق الشرع ، طيبا مستلذ الطبع. وقال في المنتخب ما ملخصه : الحلال : الذي انحلت عنه عقدة الخطر ، إما لكونه حراما لجنسه كالميتة ، وإما لا لجنسه كملك الغير ، إذ لم يأذن في أكله. والطيب لغة الطاهر ، والحلال يوصف بأنه طيب ، كما أن الحرام يوصف بأنه خبيث ، والأصل في الطيب ما يستلذ ، ووصف به الطاهر والحلال على جهة التشبيه ، لأن النجس تكرهه النفس ، والحرام لا يستلذ ، لأن الشرع منع منه. انتهى. والثابت في اللغة : أن الطيب هو الطاهر من الدنس. قال :
والطيبون معاقد الأزر
وقال آخر
ولي الأصل الذي في مثله |
|
يصلح الآبر زرع المؤتبر |
طيبوا الباءة سهل ولهم |
|
سبل إن شئت في وحش وعر |
وقال الحسن : الحلال الطيب : هو ما لا يسأل عنه يوم القيامة. وقال ابن عباس : الحلال الذي لا تبعة فيه في الدنيا ولا وبال في الآخرة. وقيل : الحلال ما يجوزه المفتي ، والطيب ما يشهد له القلب بالحل. وقد استدل من قال بأن الأصل في الأشياء الحظر بهذه الآية ، لأن الأشياء ملك الله تعالى ، فلابد من إذنه فيما يتناول منها ، وما عدا ما لم يأذن فيه