القرآن من قوله : (فَلَمَّا تَغَشَّاها) (١) (وَلا تَقْرَبُوهُنَ) (٢) (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) (٣) (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ).
والنساء جمع الجمع ، وهو نسوة ، أو جمع امرأة على غير اللفظ ، وأضاف : النساء إلى المخاطبين لأجل الاختصاص ، إذ لا يحل الإفضاء إلّا لمن اختصت بالمفضي : أما بتزويج أو ملك.
(هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) اللباس ، أصله في الثوب ، ثم يستعمل في المرأة.
قال أبو عبيدة : يقال للمرأة هي لباسك ، وفراشك ، وإزارك لما بينهما من الممازجة. ولما كان يعتنقان ويشتمل كل منهما على صاحبه في العناق ، شبّه كل منهما باللباس الذي يشتمل على الإنسان.
قال الربيع : هنّ لحاف لكم وأنتم لحاف لهنّ ، وقال مجاهد ، والسدي : هن سكن لكم ، أي : يسكن بعضكم إلى بعض ، كقوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً) (٤) وهذه الجملة لا موضع لها من الإعراب ، بل هي مستأنفة كالبيان لسبب الإحلال ، وهو عدم الصبر عنهنّ لكونهنّ لكم في المخالطة كاللباس ، وقدّم : هنّ لباس لكم ، على قوله : وأنتم لباس لهنّ ، لظهور احتياج الرجل إلى المرأة وقلة صبره عنها ، والرجل هو البادئ بطلب ذلك الفعل ، ولا تكاد المرأة تطلب ذلك الفعل ابتداء لغلبة الحياء عليهن حتى إن بعضهن تستر وجهها عند المواقعة حتى لا تنظر إلى زوجها حياء وقت ذلك الفعل.
جمعت الآية ثلاثة أنواع من البيان : الطباق المعنوي ، بقوله : (أُحِلَّ لَكُمْ) ، فإنه يقتضي تحريما سابقا ، فكأنه أحل لكم ما حرّم عليكم ، أو ما حرّم على من قبلكم ، والكناية بقوله : الرفث ، وهو كناية عن الجماع ، والاستعارة البديعة بقوله : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ) ، وأفرد اللباس لأنه كالمصدر ، تقول : لابست ملابسة ولباسا.
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) : إن كانت : علم ، معداة تعدية عرف ،
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٨٩.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٢.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٣.
(٤) سورة الفرقان : ٢٥ / ٤٧.