منسوخة ، وعلى القولين قبله تكون محكمة ، ومعنى : انتهى : كف ، وهو افتعل من النهي ، ومعناه فعل الفاعل بنفسه ، وهو نحو قولهم : اضطرب ، وهو أحد المعاني التي جاءت لها : افتعل.
قالوا : وفي قوله : (فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) دلالة على قبول توبة قاتل العمد ، إذا كان الكفر أعظم مأثما من القتل ، وقد أخبر تعالى أنه يقبل التوبة من الكفر.
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) ضمير المفعول عائد على من قاتله وهم كفار مكة ، والفتنة هنا الشرك وما تابعه من أذى المسلمين ، أمروا بقتالهم حتى لا يعبد غير الله ، ولا يسنّ بهم سنة أهل الكتاب في قبول الجزية ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والربيع ، والسدي. أعني : أن الفتنة هنا والشرك وما تابعه من الأذى ، وقيل : الضمير لجميع الكفار أمروا بقتالهم وقتلهم في كل مكان ، فالآية عامة تتناول كل كافر من مشرك وغيره ، ويخص منهم بالجزية من دل الدليل عليه ، وقد تقدّم قول من قال : إنها ناسخة ، لقوله : ولا تقاتلوهم.
قال في (المنتخب) : والصحيح أنه ليس كذلك ، بل هذه الصيغة عامة وما قبله خاص ، وهو : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ومذهب الشافعي تخصيص العام سواء تقدّم على المخصص أم تأخر عنه.
وقال أو مسلم : الفتنة هنا : القتال في الحرم ، قال : أمرهم الله بقتالهم حتى لا يكون منهم القتال الذي إذا بدؤا به كان فتنة على المؤمنين لما يخافون من أنواع المضار.
و : حتى ، هنا للغاية ، أو للتعليل ، وإذا فسرت الفتنة بالكفر ، والكفر لا يلزم زواله بالقتال ، فكيف غي الأمر بالقتال بزواله؟.
والجواب : أن ذلك على حكم الغالب ، والواقع ، وذلك أن من قتل فقد انقطع كفره وزال ، ومن عاش خاف من الثبات على كفره ، فأسلم ، أو يكون المعنى : وقاتلوهم قصدا منكم إلى زوال الكفر ، لأن الواجب في قتال الكفار أن يكون القصد زوال الكفر ، ولذلك إذا ظن أنه يقلع عن الكفر بغير القتال وجب عليه العدول عنه.
(وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) الدين هنا : الطاعة ، أي : يكون الانقياد خالصا لله ، وقيل : الدين هنا السجود والخضوع لله وحده ، فلا يسجد لغيره ، وغي هنا الأمر بالقتال بشيئين : أحدهما : انتفاء الفتنة ، والثاني : ثبوت الدين لله ، وهو عطف مثبت على منفي ، وهما في معنى واحد ومتلازمان ، لأنه إذا انتفى الشرك بالله كان تعالى هو المعبود المطاع ، وعلى