أن غيره حلقه له : وأما المجاز ففي المفعول ، فالتقدير : شعر رؤوسكم ، فهو على حذف مضاف ، والخطاب يخص الذكور ، والحلق للنساء مثله في الحج وغيره ، وإنما التقصير سنتهنّ في الحج.
وخرّج أبو داود ، عن ابن عباس ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليس على النساء حلق إنما عليهنّ التقصير». وأجمع أهل العلم على القول به ، واختلفوا في مقدار ما يقصر من شعرها على تقادير كثيرة ذكرت في الفقه ، ولم تتعرّض هذه الآية للتقصير فنتعرّض نحن له هنا ، وإنما استطردنا له من قوله : (وَلا تَحْلِقُوا).
وظاهر النهي : الحظر والتحريم حتى يبلغ الهدي محله ، فلو نسي فحلق قبل النحر ، فقال أبو حنيفة ، وابن الماجشون : هو كالعامد وقال ابن القاسم : لا شيء عليه. أو تعمد ، فقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يجوز. وقال الشافعي : يجوز. قالوا : وهو مخالف لظاهر الآية.
ودلت الآية على أن من النسك في الحج حلق الرأس ، فيدل ذلك على جوازه في غير الحج ، خلافا لمن قال : إن حلق الرأس في غير الحج مثلة ، لأنه لو كان مثلة لما جاز ، لا في الحج ولا غيره.
وقد روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم حلق رؤوس بني جعفر بعد أن أتاه خبر قتله بثلاثة أيام ، وكان علي يحلق ، وقال أبو عمرو بن عبد البر : أجمع العلماء على إباحة الحلق ، وظاهر عموم : ولا تحلقوا ، أو خصوصه بالمحصرين أن الحلق في حقهم نسك ، وهو قول مالك ، وأبو يوسف.
وقال أبو حنيفة ، ومحمد : لا حلق على المحصر والقولان عن الشافعي.
(حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) حيث أحصر من حل أو حرم ، قاله عمر ، والمسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم ، أو : المحرم ، قاله علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعطاء ، والحسن ، ومجاهد ، وتفسيرهم يدل على أن المحل هنا المكان ، ولم يقرأ إلّا بكسر الحاء. فيما علمنا ، ويجوز الفتح : أعني إذا كان يراد به المكان ، وفرق الكسائي هنا ، فقال : الكسر هو الإحلال من الإحرام ، والفتح هو موضع الحلول من الإحصار ، وقد تقدّم طرف من القول في محل الهدي ، ولم تتعرّض الآية لما على المحصر في الحج إذا تحلل بالهدي ، فعن النسيء عليه حجة ، وقال الحسن ، وابن سيرين ، وإبراهيم ، وعلقمة ، والقاسم ، وابن مسعود فيما روى عنه مجاهد ، وابن عباس ، فيما روى عنه ابن جبير : عليه حجة وعمرة ،