يحثون على الزاد |
|
ولا زاد سوى التقوى |
يقولون لكم جدوا |
|
فهذا غاية الدنيا |
وقيل : أمر بالتزود لسفر العبادة والمعاش ، وزاده الطعام والشراب والمركب والمال ، وبالتزود لسفر المعاد ، وزاده تقوى الله تعالى ؛ وهذا الزاد خير من الزاد الأول لقوله : (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى).
فتلخص من هذا كله ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه أمر بالتزود في أسفار الدنيا ، فيكون مفعول : تزودوا ، ما ينتفعون به ، فإن خير الزاد ما تكفون به وجوهكم من السؤال ، وأنفسكم من الظلم ، وقال البغوي : قال المفسرون : التقوى هنا : الكعك والزيت والسويق والتمر والزبيب وما يشاكل ذلك من المطعومات.
والثاني : أنه أمر بالتزود لسفر الآخرة ، وهو الذي نختاره.
والثالث : أنه أمر بالتزود في السفرين ، كأن التقدير : وتزودوا ما تنتفعون به لعاجل سفركم وآجله.
وأبعد من ذهب إلى أن المعنى : وتزودوا الرفيق الصالح ، إلّا أن عنى به العمل الصالح ، فلا يبعد ، لأنه هو القول الثاني الذي اخترناه.
وقال أبو بكر الرازي : احتمل قوله : وتزودوا ، الأمرين من زاد الطعام وزاد التقوى ، فوجب الحمل عليهما ، إذ لم تقم دلالة على تخصيص أحد الأمرين ، وذكر التزود من الأعمال الصالحة في الحج ، لأنه أحق شيء بالاستكثار من أعمال البر فيه لمضاعفة الثواب عليه ، كما نص على خطر الفسوق ، وإن كان محظورا في غيره ، تعظيما لحرمة الإحرام ، وإخبارا أنه فيه أعظم مأثما.
ثم أخبر أن زاد التقوى خيرهما لبقاء نفعه ، ودوام ثوابه ، وهذا يدل على بطلان مذهب أهل التصوف ، والذين يسافرون بغير زاد ولا راحلة ، لأنه تعالى خاطب بذلك من خاطبه بالحج ، وعلى هذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم ، حين سئل عن الاستطاعة ، فقال : «هي الزاد والراحلة». انتهى كلامه.
ورد عليه بأن الكاملين في باب التوكل لا يطعن عليهم إن سافروا بغير زاد ، لأنه