بالشعر ، لأن الآية ليست من هذا الباب ، بل من عطف شيئين فأكثر على شيئين فأكثر ، وإنما الذي وقع فيه خلاف أبي علي هو : ضربت زيدا وفي الدار عمرا ، وإنما يستدل على ضعف مذهب أبي علي بقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (١) وبقوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (٢) وتمام الكلام على هذه المسألة مذكور في علم النحو.
(وَقِنا عَذابَ النَّارِ) هو سؤال بالوقاية من النار ، وهو : أن لا يدخلوها ، وهي نار جهنم ، وقيل : المرأة السوء الكثيرة الشر.
وقال القيثري : واللام في النار لام الجنس ، فتحصل الاستعاذة عن نيران الحرقة ونيران الفرقة. انتهى.
وظاهر هذا الدعاء أنه لما كان قولهم : وفي الآخرة حسنة ، يقتضي أن من دخل الجنة ، ولو آخر الناس ، صدق عليه أنه : أوتي في الآخرة حسنة ، قد دعوا الله تعالى أن يكونوا مع دخول الجنة يقيهم عذاب النار ، فكأنه دعاء بدخول الجنة أولا دون عذاب ، وأنهم لا يكونون ممن يدخل النار بمعاصيهم ويخرجون منها بالشفاعة. ويحتمل أن يكون مؤكدا لطلب دخول الجنة ، كما قال بعض الصحابة.
إنما أقول في دعائي : اللهم أدخلني الجنة ، وعافني من النار ، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حولها ندندن».
(أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) تقدّم انقسام الناس إلى فريقين : فريق اقتصر في سؤاله على دنياه ، وفريق أشرك في دنياه أخراه ، فالظاهر أن : أولئك ، إشارة إلى الفريقين ، إذ المحكوم به ، وهو كون : نصيب لهم مما كسبوا ، مشترك بينهما ، والمعنى : أن كل فريق له نصيب مما كسب ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر. ولا يكون الكسب هنا الدعاء ، بل هذا مجرد إخبار من الله بما يؤول إليه أمر كل واحد من الفريقين ، وأن أنصباءهم من الخير والشر تابعة لاكسابهم.
وقيل : المراد بالكسب هنا الدعاء ، أي : لكل واحد منهم نصيب مما دعا به. وسمي الدعاء كسبا لأنه عمل ، فيكون ذلك ضمانا للإجابة ووعدا منه تعالى أنه يعطي كلّا منه نصيبا
__________________
(١) سورة الملك : ٦٧ / ٣.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٥٨.