هو موليها : بكسر اللام اسم فاعل. وقرأ ابن عامر : هو مولاها ، بفتح اللام اسم مفعول وهي ، قراءة ابن عباس. وقرأ قوم شاذا : ولكل وجهة ، بخفض اللام من كل من غير تنوين ، وجهة : بالخفض منونا على الإضافة ، والتنوين في كل تنوين عوض من الإضافة ، وذلك المضاف إليه كل المحذوف اختلف في تقديره. فقيل : المعنى : ولكل طائفة من أهل الأديان. وقيل : المعنى : ولكل أهل صقع من المسلمين وجهة من أهل سائر الآفاق ، إلى جهة الكعبة ، وراءها وقدّامها ، ويمينها وشمالها ، ليست جهة من جهاتها بأولى أن تكون قبلة من غيرها. وقيل : المعنى : ولكل نبي قبلة ، قاله ابن عباس. وقيل : المعنى : ولكل ملك ورسول صاحب شريعة جهة قبلة ، فقبلة المقربين العرش ، وقبلة الروحانيين الكرسي ، وقبلة الكروبيين البيت المعمور ، وقبلة الأنبياء قبلك بيت المقدس ، وقبلتك الكعبة ، وقد اندرج في هذا الذي ذكرناه أن المراد بوجهة : قبلة ، وهو قول ابن عباس ، وهي قراءة أبيّ ، قرأ : ولكل قبلة. وقرأ عبد الله : ولكل جعلنا قبلة. وقال الحسن : وجهة : طريقة ، كما قال : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) (١) ، أي لكل نبي طريقة. وقال قتادة : وجهة : أي صلاة يصلونها ، وهو من قوله : هو موليها عائد على كل على لفظه ، لا على معناه ، أي هو مستقبلها وموجه إليها صلاته التي يتقرب بها ، والمفعول الثاني لموليها محذوف لفهم المعنى ، أي هو موليها وجهه أو نفسه ، قاله ابن عباس وعطاء والربيع ، ويؤيد أن هو عائد على كل قراءة من قرأ : هو مولاها. وقيل : هو عائد على الله تعالى ، قاله الأخفش والزجاج ، أي الله موليها إياه ، اتبعها من اتبعها وتركها من تركها. فمعنى هو موليها على هذا التقدير : شارعها ومكلفهم بها. والجملة من الابتداء والخبر في موضع الصفة لوجهة. وأما قراءة من قرأ : ولكل وجهة على الإضافة ، فقال محمد بن جرير : هي خطأ ، ولا ينبغي أن يقدم على الحكم في ذلك بالخطأ ، لا سيما وهي معزوّة إلى ابن عامر ، أحد القراء السبعة ، وقد وجهت هذه القراءة. قال الزمخشري : المعنى : ولكل وجهة الله موليها ، فزيدت اللام لتقدّم المفعول ، كقولك : لزيد ضربت ، ولزيد أبوه ضاربه. انتهى كلامه ، وهذا فاسد لأن العامل إذا تعدّى لضمير الاسم لم يتعدّ إلى ظاهره المجرور باللام. لا يجوز أن يقول : لزيد ضربته ، ولا : لزيد أنا ضاربه. وعليه أن الفعل إذا تعدّى للضمير بغير واسطة. كان قويا ، واللام إنما تدخل على الظاهر إذا تقدّم ليقويه لضعف وصوله إليه متقدما ، ولا يمكن أن
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٤٨.