هو كبير ، وهو صد عن سبيل الله. وهذا معنى سائغ حسن ، ولا شك أن الكفر بالله وما عطف عليه أكبر من القتال المذكور. وقوله : ويجيء من ذلك أن إخراج أهل المسجد منه أكبر من الكفر عند الله ، وهذا بين فساده ، ليس بكلام مخلص ، لأنه لا يجيء منه ما ذكر إلّا بتكلف بعيد ، بل يجيء منه أن إخراج أهل المسجد منه أكبر عند الله من القتال المخبر عنه بأنه كبير ، وبأنه صد عن سبيل الله ، فالمحكوم عليه بالأكبرية هو الإخراج ، والمفضول فيها هو القتال لا الكفر والفتنة ، أي : الكفر والشرك ، قاله ابن عمر ، وابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، وقتادة وغيرهم.
أو التعذيب الحاصل للمؤمنين ليرجعوا عن الإسلام ، فهي أكبر حرما من القتل ، والمعنى عند جمهور المفسرين أن الفتنة التي كانت تفتن المسلمين عن دينهم حتى يهلكوا ، أشد اجتراما من قتلهم إياكم في المسجد الحرام ، وقيل : المعنى : والفتنة أشد من أن لو قتلوا ذلك المفتون ، أي فعلكم بكل إنسان ، أشد من فعلنا ، لأن الفتنة ألم متجدد ، والقتل ألم منقض.
ومن فسر الفتنة بالكفر كان المعنى عنده : وكفركم أشد من قتلنا أولئك ، وصرح هنا بالمفضول ، وهو قوله : من القتل ، ولم يحذف. لأنه لا دليل على حذفه ، بخلاف قوله : أكبر عند الله ، فإنه تقدم ذكر المفضول عليه ، وهو : القتال ، وقال عبد الله بن جحش في هذه القصة شعرا :
تعدون قتلا في الحرام عظيمة |
|
وأعظم منها لو يرى الرشد راشد |
صدودكم عما يقول محمد |
|
وكفر به والله راء وشاهد |
وإخراجكم من مسجد الله رحله |
|
لئلا يرى لله في البيت ساجد |
فإنا ، وإن عيرتمونا بقتلة |
|
وأرجف بالإسلام باغ وحاسد |
سقينا من ابن الحضرمي رماحنا |
|
بنخلة لما أوقد الحرب واقد |
دما ، وابن عبد الله عثمان بيننا |
|
ينازعه غل من القد عاند |
(وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) الضمير في : يزالون ، للكفار ، وهذا يدل على أن الضمير المرفوع في قوله : يسألونك ، هو الكفار ، والضمير المنصوب في : يقاتلونكم ، خوطب به المؤمنون ، وانتقل عن خطاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى