عباس : لما استحقه الرجل من الرجعة ؛ وقال قتادة : لإلحاق الولد بغيره ، كفعل أهل الجاهلية.
(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) قرأ مسلمة بن محارب : وبعولتهنّ ، بسكون التاء ، فرارا من ثقل توالي الحركات ، وهو مثل ما حكى أبو زيد : ورسلنا ، بسكون اللام. وذكر أبو عمرو : أن لغة تميم تسكين المرفوع من : يعلمهم ، ونحوه. وسماهم بعولة باعتبار ما كانوا عليه ، أو لأن الرجعية زوجة على ما ذهب إليه بعضهم.
والمعنى أن الأزواج أحق لمراجعتهنّ.
وقرأ أبي : بردتهنّ بالتاء بعد الدال ، وتتعلق : الباء ، وفي ، بقوله : أحق ، وقيل : تتعلق : في ، بردهنّ ؛ وأشار بقوله : في ذلك ، إلى الأجل الذي أمرت أن تتربص فيه ، وهو زمان العدة. وقيل : في الحمل المكتوم ، والضمير في : بعولتهن ، عائد على المطلقات ، وهو مخصوص بالرجعيات ، وفيه دليل على أن خصوص آخر اللفظ لا يمنع عموم أوله ولا يوجب تخصيصه ، لأن قوله : والمطلقات ، عام في المبتوتات والرجعيات ، و : بعولتهن أحق بردهن ، خاص في الرجعيات ، ونظيره عندهم (وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) (١) فهذا عموم ، ثم قال : (وَإِنْ جاهَداكَ) (٢) وهذا خاص في المشركين.
والأولى عندي أن يكون على حذف مضاف دل عليه الحكم ، تقديره : وبعولة رجعياتهن ، و : أحق ، هنا ليست على بابها ، لأن غير الزوج لا حق له ولا تسليط على الزوجة في مدة العدة ، إنما ذلك للزوج ولا حق لها أيضا في ذلك ، بل لو أبت كان له ردها ، فكأنه قيل : وبعولتهن حقيقون بردهن. ودل قوله : بردهنّ ، على انفصال سابق ، فمن قال : إن المطلقة الرجعية محرمة الوطء فالرد حقيقي على بابه ، ومن قال : هي مباحة الوطء وأحكامها أحكام الزوجة ، فلما كان هناك سبب تعلق به زوال النكاح عند انقضاء العدّة ، جاز إطلاق الرد عليه ، إذ كان رافعا لذلك السبب.
واختلفوا فيما به الرد ؛ فقال سعيد ، والحسن ، وابن سيرين ، وعطاء ، وطاووس ، والزهري ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة : إذا جامعها فقد راجعها ويشهد ؛ وقال الليث ، وطائفة من أصحاب مالك : إن وطأه مراجعة على كل حال نواها أو لم ينوها ؛ وقال مالك : إن وطئها في العدة يريد الرجعة وجهل أن يشهد فهي رجعة وينبغي للمرأة أن تمنعه
__________________
(١ ـ ٢) سورة العنكبوت : ٢٩ / ٨.