الطلقة الثانية ، وليس في الترك إحداث فعل يعبر عنه بالتفعيل. انتهى كلامه. وهو كلام حسن.
والذي يدل عليه ظاهر اللفظ : أن : الطلاق ، الألف واللام في للعهد ، وهو الطلاق الذي تقدم قبل قوله : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) وهو ما كان الطلاق رجعيا ، وأن قوله : (مَرَّتانِ) بيان لعدد هذا الطلاق ، وأن قوله : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) بالفاء التي هي للتعقيب بعد صدور الطلقتين ، ووقوعها كناية عن الرد بعد الطلقة الثانية ، وفاء التعقيب تقتضي التعدية ، وأن قوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) صريح في الطلقة الثالثة ، لأنه معطوف على (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) وما عطف على المتعقب بعد شيء لزم فيه أن يكون متعقبا لذلك الشيء ، فجعل له حالتان بعد الطلقتين ، إما أن يمسك بمعروف ، وإما أن يطلق بإحسان. إلّا أن العطف بأو ينبو عنه الدلالة على هذا المعنى ، لأنه يدل على أحد الشيئين ، ويقوي إذ ذاك أن يكون التسريح كناية عن التخلية والترك ، لأن المعنى يكون : الطلاق مرتين فبعدهما أحد أمرين : أما الإمساك ، وهو كناية عن الردّ ، وأما التسريح ، فيكون كناية عن التخلية. واستمرار التسريح لا إنشاء التسريح ، وإما أن تدل على إيقاع التسريح بعد الإمساك المعبر به عن الردّ ، فإن قدر شرط محذوف ، وجعل : فإمساك ، جوابا لذلك الشرط ، وجعل الإمساك كناية عن استمرار الزوجية ، أمكن أن يراد بالتسريح إنشاء الطلاق ، فيكون التقدير : فإن أوقع التطليقتين وردّ الزوجة (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) ، لأن الرد يعتقبه أحد هذين ، إما الاستمرار عن الزوجية ، فيكون بمعروف ، وإما الطلقة الثالثة ويكون بإحسان.
وقال في (المنتخب) ما ملخص منه : الطلاق مرتان ، قال قوم هو مبتدأ لا تعلق له بما قبله ، ومعناه أن التطليق الشرعي يجب أن يكون تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع دفعة واحدة ، وهذا تفسير من قال : الجمع بين الثلاث حرام ، وهو مذهب أبيّ ، وجماعة من الصحابة. والألف واللام للاستغراق ، والتقدير : كل الطلاق مرتان ، ومرة ثالثة ، وهذا يفيد التفرق لأن المرّات لا تكون إلّا بعد تفرق الاجتماع ، ولفظه خبر ، ومعناه الأمر ، والقائلون بهذا قالوا : لو طلقها ثلاثا أو اثنتين ، اختلفوا فقال كثير من علماء البيت : لا يقع إلّا الواحدة ، لأن النهي يدل على اشتمال المنهي عنه على مفسدة راجحة ، والقول؟؟؟ إدخال لتلك المفسدة في الوجود ، وإنه غير جائز.
وقال أبو حنيفة : يقع ما لفظ به بناء على أن النهي لا يدل على الفساد.