أحدهما : أنه بيان لعدد الطلاق الذي للزوج أن يرتجع منه دون تجديد مهر وولي ، وإليه ذهب عروة ، وقتادة ، وابن زيد.
والثاني : أنه تعريف سنة الطلاق ، أي : من طلق اثنتين فليتق الله في الثالثة ، فإما تركها غير مظلومة شيئا من حقها ، وإما إمساكها محسنا عشرتها ، وبه قال ابن مسعود ، وابن عباس وغيرهما.
قال ابن عطية : والآية تتضمن هذين المعنيين ، والإمساك بالمعروف هو الارتجاع بعد الثانية إلى حسن العشرة ، والتزام حقوق الزوجية. انتهى كلامه.
وحكى الزمخشري القول الأول ، فقال : وقيل معناه : الطلاق الرجعي مرتان ، لأنه لا رجعة بعد الثلاث ، فإمساك بمعروف ، أي برجعة ، أو تسريح بإحسان أي بأن لا يراجعها حتى تبين بالعدة ، أو بأن لا يراجعها مراجعة يريد بها تطويل العدة عليها وضرارها ، وقيل : بأن يطلقها الثالثة. وروي أن سائلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أين الثالثة؟ فقال عليهالسلام «أو تسريح بإحسان». انتهى كلامه.
وتفسير : التسريح بإحسان ، أن لا يراجعها حتى تبين بالعدة ، هو قول الضحاك ، والسدي. وقوله : أو بأن لا يراجعها مراجعة يريد بها تطويل العدة عليها وضرارها ، كلام لا يتضح تركيبه على تفسير قوله : أو تسريح بإحسان ، لأنه يقتضي أن يراجعها مراجعة حسنة مقصودا بها الإحسان والتآلف والزوجية ، فيصير هذا قسيم قوله : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) فيكون المعنى : فإمساك بمعروف أو مراجعة مراجعة حسنة. وهذا كلام لا يلتئم أن يفسر به (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) ولو فسر به فإمساك بمعروف لكان صوابا. وأما قوله : وقيل بأن يطلقها الثالثة ، فهو قول مجاهد وعطاء وجمهور السلف ، وعلماء الأمصار.
قال ابن عطية : ويقوى هذا القول عندي من ثلاثة وجوه.
أولها : أنه روي أن رجلا قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله هذا ذكر الطلقتين ، فأين الثالثة؟ فقال عليهالسلام : «هي قوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)».
والوجه الثاني : أن التسريح من ألفاظ الطلاق ، ألا ترى أنه قد قرىء : وان عزموا السراح؟.
والوجه الثالث : أن فعل تفعيلا ، هذا التضعيف يعطي أنه أحدث فعلا مكررا على