وليس على ناري حجاب أكفها |
|
لمقتبس ليلا ولكن أشيرها |
وقال أبو زيد : شرت الدابة وشورتها أجريتها لاستخراج جريها ، وكان مدار الكلمة على الإظهار ، فكأن كل واحد من المشاورين أظهر ما في قلبه للآخر ، ومنه الشوار ، وهو متاع البيت لظهوره للناظر ، وشارة الرجل هيئته لأنها تظهر من زيه ، وتبتدئ من زينته ، وأورد بعضهم عند ذكر المادة هذه الإشارة فقال : والإشارة هي إخراج ما في نفسك وإظهاره للمخاطب بالنطق وغيره. انتهى. فإن كان هذا أراد أنهما يتقاربان من حيث المعنى فصحيح ، وإن أراد أنهما مشتركان في المادة فليس بصحيح ، وقد جرت هذه المسألة بين الأمير ابن الأغلب متولي إفريقية وبعض العلماء من أهل بلده ، كيف يقال إذا أشاروا إلى الهلال عند طلوعه؟ وبنوا من الإشارة تفاعلنا ، فقال ابن الأغلب : تشاورنا ، وقال ذلك العالم تشايرنا ، وسألوا قتيبة صاحب الكسائي ، وكان قد أقدمه ابن الأغلب من العراق إلى افريقية لتعليم أولاده ، فقال له : كيف تبني من الإشارة : تفاعلنا؟ فقال : تشايرنا. وأنشد للعرب بيتا شاهدا على ذلك عجزه.
فيا حبذا يا عز ذاك التشاير
فدل ذلك على اختلاف المادتين من ذوات الياء ، والمادة الأخرى من ذوات الواو.
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) نزلت في ثابت بن بشار ، ويقال أسنان الأنصاري ، طلق امرأته حتى إذا بقي من عدّتها يومان أو ثلاثة ، وكادت أن تبين راجعها ، ثم طلقها ثم راجعها ، ثم طلقها حتى مضت سبعة أشهر مضارّة لها ، ولم يكن الطلاق يومئذ محصورا.
والخطاب في : طلقتم ظاهره أنه للأزواج ، وقيل : لثابت بن يسار ، خوطب الواحد بلفظ الجمع للاشتراك في الحكم وأبعد من قال : إن الخطاب للأولياء لقوله : (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) ونسبة الطلاق والإمساك والتسريح للأولياء بعيد جدا.
فبلغن أي : قاربن انقضاء العدة والأجل ، هو الذي ضربه الله للمعتدّات من الأقراء ، والأشهر ، ووضع الحمل. وأضاف الأجل إليهن لأنه أمس بهنّ ، ولهذا قيل : الطلاق للرجال والعدة للنساء ، ولا يحمل : بلغن أجلهنّ على الحقيقة ، لأن الإمساك إذ ذاك ليس له ، لأنها ليست بزوجة ، إذ قد تقضت عدتها فلا سبيل له عليها.