خطاب للرجال خاصة ، وهو من تلوين الخطاب. وقيل : هو خطاب للرجال والنساء ، ويتضح ذلك في تفسير قوله : (ما آتَيْتُمْ).
و (إِذا سَلَّمْتُمْ) شرط ، قالوا : وجوابه ما يدل عليه الشرط الأول وجوابه ، وذلك المعنى هو العامل في : إذا ، وهو متعلق بما تعلق به : عليكم. انتهى.
وظاهر هذا الكلام خطأ لأنه جعل العامل في إذا أولا المعنى الذي يدل عليه الشرط وجوابه ، ثم قال ثانيا إن إذا تتعلق بما تعلق به : عليكم ، وهذا يناقض ما قبله ، ولعلّ قوله : وهو متعلق ، سقطت منه ألف ، وكان : أو هو متعلق ، فيصح إذ ذاك المعنى ، ولا تكون إذ ذاك شرطا ، بل تتمحض للظرفية.
وقرأ ابن كثير : ما أتيتم ، بالقصر ، وقرأ باقي السبعة بالمد ؛ وتوجيه قراءة ابن كثير : أن : أتيتم ، بمعنى جئتموه وفعلتموه ، يقال : أتى جميلا أي : فعله ، وأتى إليه ، إحسانا فعله ، وقال إن وعده كان مأتيا ، أي : مفعولا ، وقال زهير :
فما يك من خير أتوه فإنما |
|
توارثه آباء آبائهم قبل |
وتوجيه المدّ أن المعنى : ما أعطيتم ، و : ما ، في الوجهين موصولة بمعنى الذي ، والعائد عليها محذوف ، وإذا كانت بمعنى أعطى احتيج إلى تقدير حذف ثان ، لأنها تتعدى لاثنين أحدهما ضمير : ما ، والآخر ، الذي هو فاعل من حيث المعنى ، والمعنى في : ما آتيتم ، أي : ما أردتم إتيانه أو إيتاءه.
ومعنى الآية ، والله أعلم جواز الاسترضاع للولد غير أمه إذا أرادوا ذلك واتفقوا عليه ، وسلموا إلى المراضع أجورهن بالمعروف ، فيكون ما سلمتم هو الأجرة على الاسترضاع ، قاله السدي ، وسفيان. وليس التسليم شرطا في جواز الاسترضاع والصحة ، بل ذلك على سبيل الندب ، لأن في ايتائها الأجرة معجلا هنيا توطين لنفسها واستعطاف منها على الولد ، فتثابر على إصلاح شأنه.
وقيل : سلمتم الأولاد إلى من رضيها الوالدان ، قاله قتادة ، والزهري ، وفيه بعد لإطلاق : ما ، الموضوعة لما لا يعقل على العاقل ، وقيل : سلمتم إلى الأمهات أجرهنّ بحساب ما أرضعن إلى وقت إرادة الاسترضاع قاله مجاهد.
وقيل : سلمتم ما آتيتم من إرادة الاسترضاع ، أي : سلم كل واحد من الأبوين ورضي ، وكان عن اتفاق منهما ، وقصد خير وإرادة معروف ، قاله قتادة.