وحفظ القرآن تذكره غائبا ، وهو راجع لمعنى الحراسة ، وحفظ فلان : غضب ، وأحفظه : أغضبه ، ومصدر : حفظ ، بمعنى غضب : الحفيظة والحفظ.
الركوب : معروف ، وركبان : جمع راكب ، وهو صفة استعملت استعمال الأسماء ، فحسن أن يجمع جمع الأسماء ، ومع ذلك فهو في الأسماء محفوظ قليل ، قالوا : حاجر وحجران ، ومثل ، ركبان : صحبان ، ورعيان ، جمع صاحب وراع ، فإن لم تستعمل الصفة استعمال الأسماء لم يجىء فيها فعلان ، لم يرد مثل : ضربان وقتلان في جمع : ضارب وقاتل.
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما تقدّم ذكر عدة طلاق الحيض ، واتصلت الأحكام إلى ذكر الرضاع ، وكان في ضمنها قوله (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) (١) أي : وارث المولود له ، ذكر عدة الوفاة إذ كانت مخالفة لعدة طلاق الحيض.
وقرأ الجمهور : يتوفون ، بضم الياء مبنيا للمفعول وقرأ علي ، والمفضل ، عن عاصم : بفتح الياء مبنيا للفاعل ، ومعنى هذه القراءة أنهم : يستوفون آجالهم.
وإعراب : الذين ، مبتدأ واختلف أنه خبر أم لا؟ فذهب الكسائي والفراء إلى أنه لا خبر له ، بل أخبر عن الزوجات المتصل ذكرهن : بالذين ، لأن الحديث معهن في الاعتداد بالأشهر ، فجاء الخبر عما هو المقصود ، والمعنى : من مات عنها زوجها تربصت ، وأنشد الفراء رحمهالله :
لعلّي إن مالت بي الريح ميلة |
|
على ابن أبي ذيان أن يتندّما |
فقال : لعلّي ، ثم قال : أن يتندّما ، لأن المعنى : لعل ابن أبي ذيان إن مالت بي الريح ميلة أن يتندما وقال الشاعر :
بني أسد إن ابن قيس ، وقتله |
|
بغير دم ، دار المذلة حلت |
ألغى ابن قيس ، وقد ابتدأ بذكره وأخبر عن قتله أنه ذلّ ؛ وتحرير مذهب الفراء أن العرب إذا ذكرت أسماء مضافة إليها ، فيها معنى الخبر ، أنها تترك الإخبار عن الاسم الأول ويكون
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٣٣.