الخبر عن المضاف ، مثاله : إن زيدا وأخته منطلقة ، لأن المعنى : إن أخت زيد منطلقة ؛ والبيت الأول ليس من هذا الضرب ، وإنما أوردوا مما يشبه هذا الضرب قول الشاعر :
فمن يك سائلا عني فإني |
|
وجروة لا ترود ولا تعار |
والرد على الفراء ، وتأويل الأبيات والآية ، مذكور في النحو.
وذهب الجمهور إلى أن له خبرا ، واختلفوا ، فقيل : هو ملفوظ به ، وهو : يتربصن ، ولا حذف يصحح معنى الخبر ، لأنه ربط من جهة المعنى ، لأن النون في : يتربصن ، عائد ، فقيل : على الأزواج الذين يتوفون ، فلو صرح بذلك فقيل : يتربصن أزواجهم ، لم يحتج إلى حذف ، وكان إخبارا صحيحا ، فكذلك ما هو بمعناه ، وهو قول الزجاج.
وقيل : ثمّ حذف يصحح معنى الخبرية ، واختلفوا في محل الحذف ، فقيل : من المبتدأ ، والتقدير : وأزواج الذين ، ودل على المحذوف قوله : (وَيَذَرُونَ أَزْواجاً) وقيل : من الخبر ، وتقديره : يتربصن بعدهم ، أو : بعد موتهم ، قاله الأخفش.
وقيل : من الخبر وهو أن يكون الخبر جملة من مبتدأ محذوف وخبره يتربصن ، تقديره : أزواجهم يتربصن ، ودل عليه المظهر ، قاله المبرد.
وقيل : الخبر بجملته محذوف مقدّر قبل المبتدأ تقديره : فيما يتلى عليكم حكم الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا.
وقوله : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) بيان للحكم المتلو ، وهي جملة لا موضع لها من الإعراب ، قالوا : وهذا قول سيبويه.
قال ابن عطية : إنما يتجه ذلك إذا كان في الكلام لفظ أمر بعد ، مثل قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (١) وهذه الآية فيها معنى الأمر لا لفظه ، فيحتاج في هذا التقدير إلى تقدير آخر يستغنى عنه إذا حضر لفظ الأمر ، وحسّن مجيء الآية هكذا أنها توطئة لقوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) إذ القصد بالمخاطبة من أول الآية إلى آخرها للرجال الذين منهم الحكام والنظار عبارة الأخفش والمبرد ما ذكرناه. انتهى كلامه.
وظاهر قوله : يتربصن ، العموم في كل امرأة توفي عنها زوجها ، فيدخل فيه الأمة والكتابية والصغيرة.
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٣٨.