في ذكر هذا الاسم العظيم من التفخيم والتعظيم ، ولزوال قلق تكرار ضمير المتكلم ، إذ كأن يكون : فضلنا ، وكلمنا ، ورفعنا ، وآتينا.
(وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) هو محمد صلىاللهعليهوسلم ، أو إبراهيم ، أو إدريس صلى الله عليهم ، ثلاثة أقوال ، قالوا : والأول أظهر ، وهو قول مجاهد. قال ابن عطية : ويحتمل اللفظ أن يراد به محمد وغيره ممن عظمت آياته ، ويكون الكلام تأكيدا للأول. انتهى. ويعنى أنه توكيد لقوله (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ). وقال الزمخشري : (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) أي ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء ، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم بدرجات كثيرة ، والظاهر أنه أراد محمدا صلىاللهعليهوسلم ، لأنه هو المفضل عليهم ، حيث أوتي ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية إلى ألف آية وأكثر ، ولو لم يؤت إلّا القرآن وحده لكفى به فضلا منيفا على سائر ما أوتي الأنبياء ، لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات.
وفي هذا الإبهام من تفخيم فضله ، وإعلاء قدره ما لا يخفى ، لما فيه من الشهادة على أنه العلم الذي لا يشتبه ، والمتميز الذي لا يلتبس ، ويقال للرجل : من فعل هذا؟ فيقول : أحدكم ، أو بعضكم! يريد به الذي تعورف واشتهر بنحوه من الأفعال ، فيكون ، أفخم من التصريح به ، وأنوه بصاحبه.
وسئل الحطيئة عن أشعر الناس ، فذكر ، زهيرا والنابغة ، ثم قال : ولو شئت لذكرت الثالث. أراد نفسه ، ولو قال : ولو شئت لذكرت نفسي ، لم يفخم أمره.
ويجوز أن يريد : إبراهيم ومحمدا وغيرهما من أولى العزم من الرسل. انتهى كلام الزمخشري. وهو كلام حسن.
وقال غيره : وهو محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأنه بعث إلى الناس كافة ، وأعطي الخمس التي لم يعطها أحد ، وهو أعظم الناس أمة ، وختم به باب النبوات إلى غير ذلك من الخلق العظيم الذي أعطاه ، ومن معجزاته ، وباهر آياته. وقال بعض أهل العلم : إنه أوتي صلىاللهعليهوسلم ثلاثة آلاف معجزة وخصيصة ، وما أوتي نبي معجزة إلّا أوتي محمد صلىاللهعليهوسلم مثلها وزاد عليهم بآيات.
وانتصاب : درجات ، قيل على المصدر ، لأن الدرجة بمعنى الرفعة ، أو على المصدر الذي في موضع الحال ، أو على الحال على حذف مضاف ، أي : ذوي درجات ، أو على المفعول الثاني لرفع على طريق التضمين لمعنى : بلغ ، أو على إسقاط حرف الجر ، فوصل