وأظهر تاء التأنيث عند السين : الحرميان ، وعاصم ، وابن ذكوان ، وأدغم الباقون. ولتقارب السين من التاء أبدلت منها : النات ، والأكيات في : الناس ، والأكياس.
ونسب الإنبات إلى الحبة على سبيل المجاز ، إذ كانت سببا للإنبات ، كما ينسب ذلك إلى الماء والأرض ، والمنبت هو الله ، والمعنى : أن الحبة خرج منها ساق ، تشعب منها سبع شعب ، في كل شعبة سنبلة ، في كل سنبلة مائة حبة ، وهذا التمثيل تصوير للأضعاف كأنها ماثلة بين عيني الناظر ، قالوا : والممثل به موجود ، شوهد ذلك في سنبلة الجاورس. وقال الزمخشري : هو موجود في الدخن والذرة وغيرهما ، وربما فرخت ساق البرة في الأراضي القوية المغلة ، فبلغ حبها هذا المبلغ ، ولو لم يوجد لكان صحيحا في سبيل الفرض والتقدير ؛ انتهى كلامه.
وقال ابن عيسى : ذلك يتحقق في الدخن ، على أن التمثيل يصح بما يتصور ، وإن لم يعاين. كما قال الشاعر :
فما تدوم على عهد تكون به |
|
كما تلوّن في أثوابها الغول |
انتهى كلامه. وكما قال امرؤ القيس :
أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي |
|
ومسنونة زرق كأنياب أغوال |
وخص سبعا من العدد لأنه كما ذكر ، وأقصى ما تخرجه الحبة من الأسؤق. وقال ابن عطية : قد يوجد في سنبل القمح ما فيه مائة حبة ، وأما في سائر الحبوب فأكثر ، ولكن المثال وقع بمائة ، وقد ورد القرآن بأن الحسنة في جميع أعمال البر بعشرة أمثالها ، واقتضت هذه الآية أن نفقة الجهاد بسبعمائة ضعف ، ومن ذلك الحديث الصحيح. انتهى ما ذكره.
وقيل : واختص هذا العدد لأن السبع أكثر أعداد العشرة ، والسبعين أكثر أعداد المائة ، وسبع المائة أكثر أعداد الألف ، والعرب كثيرا ما تراعي هذه الأعداد. قال تعالى : (سَبْعَ سَنابِلَ) و (سَبْعَ لَيالٍ) (١) و (سَبْعَ سُنْبُلاتٍ) (٢) و (سَبْعَ بَقَراتٍ) (٣) و (سَبْعَ
__________________
(١) سورة الحاقة : ٦٩ / ٧.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٤٣ و ٤٦.
(٣) سورة يوسف : ١٢ / ٤٣ و ٤٦.