تعالى بلا شك ، وقيل : يعود على الصرف ، أي صرف الصدقات ، ويحتمل أن يعول على الإخفاء أي : ويكفر إخفاء الصدقات ونسب التكفير إليه على سبيل المجاز لأنه سبب التكفير ، ومن قرأ بالتاء فالضمير في الفعل للصدقات ، ومن رفع الراء فيحتمل أن يكون الفعل خبر مبتدأ محذوف ، أي : ونحن نكفر ، أي : وهو يكفر ، أي : الله. أو الإخفاء أي : وهي تكفر أي : الصدقة.
ويحتمل أن يكون مستأنفا لا موضع له من الإعراب ، وتكون الواو عطفت جملة كلام على جملة كلام ، ويحتمل أن يكون معطوفا على محل ما بعد الفاء ، إذ لو وقع مضارع بعدها لكان مرفوعا ، كقوله : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) (١) ومن جزم الراء فعلى مراعاة الجملة التي وقعت جزاء ، إذ هي في موضع جزم ، كقوله : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ) (٢).
ونذرهم ، في قراءة من جزم : ونذرهم ، ومن نصب الراء فبإضمار : أن ، وهو عطف على مصدر متوهم ، ونظيره قراءة من قرأ (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ) (٣) بنصب الراء ، إلّا أنه هنا يعسر تقدير ذلك المصدر المتوهم من قوله : فهو خير لكم ، فيحتاج إلى تكلف بخلاف قوله : يحاسبكم ، فإنه يقدر تقع محاسبة فغفران.
وقال الزمخشري : ومعناه : وإن تخفوها يكن خيرا لكم ، وأن نكفر عنكم. انتهى.
وظاهر كلامه هذا أن تقديره : وأن نكفر ، يكون مقدّرا بمصدر ، ويكون معطوفا على : خيرا ، خبر يكن التي قدرها كأنه قال : يكن الإخفاء خيرا لكم وتكفيرا ، فيكون : أن يكفر في موضع نصب.
والذي تقرر عند البصريين أن هذا المصدر المنسبك من أن المضمرة مع الفعل المنصوب بها هو مرفوع معطوف على مصدر متوهم مرفوع ، تقديره من المعنى ، فإذا قلت : ما تأتينا فتحدّثنا ، فالتقدير : ما يكون منك إتيان فحديث ، وكذلك إن تجيء وتحسن إلي أحسن إليك ، التقدير إن يكن منك مجيء وإحسان أحسن إليك. وكذلك ما جاء بعد جواب الشرط. كالتقدير الذي قدّرناه في : (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (٤) ، في قراءة من نصب ، فيغفر ،
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٩٥.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٨٦.
(٣ ـ ٤) سورة البقرة : ٢ / ٢٨٤.