(وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) أي : إن تبتم من الربا ورؤوس الأموال : أصولها ، وأما الأرباح فزوائد وطوارئ عليها. قال بعضهم : إن لم يتوبوا كفروا برد حكم الله واستحلال ما حرم الله ، فيصير مالهم فيأ للمسلمين ، وفي الاقتصار على رؤوس الأموال مع ما قبله دليل واضح على أنه ليس لهم إلّا ذلك ، ومفهوم الشرط أنه : إن لم يتوبوا فليس لهم رؤوس أموالهم ، وتسمية أصل المال رأسا مجاز.
(لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) قرأ الجمهور الأول مبنيا للفاعل ، والثاني مبنيا للمفعول ، أي : لا تظلمون الغريم بطلب زيادة على رأس المال ، ولا تظلمون أنتم بنقصان رأس المال ، وقيل : بالمطل. وقرأ أبان ، والمفضل ، عن عاصم الأول مبنيا للمفعول ، والثاني مبينا للفاعل ورجح أبو علي قراءة الجماعة بأنها تناسب قوله : وإن تبتم ، في إسناد الفعلين إلى الفاعل ، فتظلمون بفتح التاء أشكل بما قبله.
والجملة يظهر أنها مستأنفة وإخبار منه تعالى أنهم إذا اقتصروا على رؤوس الأموال كان ذلك نصفة ، وقيل : الجملة حال من المجرور في : لكم ، والعامل في الحال ما في حرف الجر من شوب الفعل ، قاله الأخفش.
(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) شكا بنو المغيرة العسرة وقالوا : أخرونا إلى أن تدرك الغلات ، فأبوا أن يؤخروا ، فنزلت. قيل : هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية من بيع من أعسر بدين ، وقيل : أمر به في صدر الإسلام ، فإن ثبت هذا فهو نسخ ، وإلا فليس بنسخ والعسرة ضيق الحال من جهة عدم المال ، ومنه : جيش العسرة ، والنظرة : التأخير ، والميسرة : اليسر.
وقرأ الجمهور : ذو عسرة ، على أن : كان ، تامة ، وهو قول سيبويه ، وأبي علي ، وإن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة ، وأجاز بعض الكوفيين أن تكون : كان ، ناقصة هنا. وقدّر الخبر : وإن كان من غرمائكم ذو عسرة فحذف المجرور الذي هو الخبر ، وقدر أيضا : وإن كان ذو عسرة لكم عليه حق ، وحذف خبر كان لا يجوز عند أصحابنا ، لا اقتصارا ولا اختصارا لعلة ذكروها في النحو.
وقرأ أبي ، وابن مسعود ، وعثمان ، وابن عباس : ذا عسرة. وقرأ الأعمش : معسرا. وحكى الداني عن أحمد بن موسى أنها كذلك في مصحف أبي علي ان في كان اسمها