قال ابن عطية : ولا يصح عن ابن عباس ، وكيف تشهد البينة على شيء ويدخل مالا في ذمّة السفيه ، بإملاء الذي له الدين ، هذا شيء ليس في الشريعة.
قال الراغب : لا يجوز أن يكون ولي الحق كما قال بعضهم ، لأن قوله لا يؤثر إذ هو مدّع.
و : بالعدل ، متعلق بقوله : فليملل ، ويحتمل أن تكون الباء للحال ، وفي قوله : بالعدل ، حث على تحريه لصاحب الحق ، والمولى عليه ، وقد استدل بهذه الآية على جواز الحجر على الصغير ، واستدل بها على جواز تصرف السفيه ، وعلى قيام ولاية التصرفات له في نفسه وأمواله.
(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) أي : اطلبوا للإشهاد شهيدين ، فيكون استفعل للطلب ، ويحتمل أن يكون موافقة أفعل أي : وأشهدوا ، نحو : استيقن موافق أيقن ، واستعجله بمعنى أعجله. ولفظ : شهيد ، للمبالغة ، وكأنهم أمروا بأن يستشهدوا من كثرت منه الشهادة ، فهو عالم بمواقع الشهادة وما يشهد فيه لتكرر ذلك منه ، فأمروا بطلب الأكمل ، وكان في ذلك إشارة إلى العدالة ، لأنه لا يتكرر ذلك من الشخص عند الحكام إلّا وهو مقبول عندهم.
من رجالكم ، الخطاب للمؤمنين ، وهم المصدّر بهم الآية ، ففي قوله : من رجالكم ، دلالة على أنه لا يستشهد الكافر ، ولم تتعرض الآية لشهادة الكفار بعضهم على بعض ، وأجاز ذلك أبو حنيفة. وإن اختلفت مللهم ، وفي ذلك دلالة على اشتراط البلوغ ، واشتراط الذكورة في الشاهدين.
وظاهر الآية أنه : يجوز شهادة العبد ، وهو مذهب شريح ، وابن سيرين ، وابن شبرمة ، وعثمان البتي ، وقيل عنه : يجوز شهادته لغير سيده. وروي عن علي أنه كان يقول : شهادة العبد على العبد جارية جائزة. وروى المغيرة عن إبراهيم أنه كان يجيز شهادة المملوك في الشيء التافه. وروي عن أنس أنه قال : ما أعلم أن أحدا ردّ شهادة العبد. وقال الجمهور : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وزفر ، وابن شبرمة في إحدى الروايتين ، ومالك ، وابن صالح ، وابن أبي ليلى ، والشافعي : لا تقبل شهادة العبد في شيء. وروي ذلك عن علي ، وابن عباس ، والحسن.
وظاهر الآية يدل على أن شهادة الصبيان لا تعتبر ، وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة