وأصحابه الثلاثة ، وابن شبرمة ، والشافعي. وروي ذلك عن : عثمان ، وابن عباس ، وابن الزبير. وقال ابن أبي ليلى : تجوز شهادة بعضهم على بعض ، وروي ذلك عن علي ، قال مالك : تجوز شهادتهم في الجراح وحدها بشروط ذكرت عنه في كتب الفقه.
وظاهر الآية اشتراط الرجولية فقط في الشاهدين.
فلو كان الشاهد أعمى ، ففي جواز شهادته خلاف. ذهب أبو حنيفة ، ومحمد إلى أنه لا يجوز بحال. وروي ذلك عن علي ، والحسن ، وابن جبير ، وإياس بن معاوية. وقال ابن أبي ليلى ، وأبو يوسف ، والشافعي : إذا علم قبل العمى جازت ، أو بعده فلا. وقال زفر : لا يجوز ، إلا في النسب ، يشهد أن فلان بن فلان. وقال شريح ، والشعبي : شهادته جائزة. قال مالك ، والليث : تجوز ، وإن علمه حال العمى إذا عرف الصوت في الطلاق والإقرار ونحوه ، وإن شهد بزنا أو حدّ قذف لم تقبل شهادته.
ولو كان الشاهد أخرس ، فقيل : تقبل شهادته بإشارة ، وسواء كان طارئا أم أصليا ، وقيل : لا تقبل.
وإن كان أصمّ ، فلا تقبل في الأقوال ، وتقبل فيما عدا ذلك من الحواس.
ولو شهد بدوي على قروي ، فروى ابن وهب عن مالك أنها لا تجوز إلّا في الجراح. وروى ابن القاسم عنه : لا تجوز في الحضر إلّا في وصية القروي في السفر وفي البيع.
(فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ) الضمير عائد على الشهيدين أي : فإن لم يكن الشهيدان رجلين ، والمعنى أنه : إن أغفل ذلك صاحب الحق ، أو قصد أن لا يشهد رجلين لغرض له ، وكان على هذا التقدير ناقصة. وقال قوم : بل المعنى : فإن لم يوجد رجلان ، ولا يجوز استشهاد المرأتين إلّا مع عدم الرجال ، وهذا لا يتم إلّا على اعتقاد أن الضمير في : يكونا ، عائد على : شهيدين ، بوصف الرجولية ، وتكون : كان ، تامّة ، ويكون : رجلين ، منصوبا على الحال المؤكد ، كقوله : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) (١) على أحسن الوجهين.
(فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) ارتفاع رجل على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : فلشاهد ، أو مبتدأ محذوف الخبر ، أي : فرجل وامرأتان يشهدون ، أو : فاعل ، أي فليشهد رجل ، أو : مفعول لم يسم فاعله ، أي فليستشهد ، وقيل : المحذوف فليكن ، وجوّز أن تكون تامّة ، فيكون رجل فاعلا ، وأن تكون ناقصة ، ويكون خبرها محذوفا وقد ذكرنا أن أصحابنا
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١٧٦.