وقال ابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف : تقبل شهادة أهل الأهواء العدول ، إلّا صنفا من الرافضة وهم الخطابية. وقال محمد : لا أقبل شهادة الخوارج ، وأقبل شهادة الحرورية ، لأنهم لا يستحلون أموالنا ، فإذا خرجوا استحلوا. وروي عن أبي حنيفة أنه : لا يجوز شهادة البخيل. وعن إياس بن معاوية لا يجيز شهادة الأشراف بالعراق ولا البخلاء ، ولا التجار الذين يركبون البحر ، وعن بلال بن أبي بردة ، وكان على البصرة ، أنه لا يجيز شهادة من يأكل الطين وينتف لحيته. وردّ عمر بن عبد العزيز شهادة من ينتف عنفقته ويخفي لحيته. ورد شريح شهادة رجل اسمه ربيعة ويلقب بالكويفر ، فدعي : يا ربيعة ، فلم يجب ، فدعي : يا ربيعة الكويفر ، فأجاب ، فقال له شريح : دعيت باسمك فلم تجب ، فلما دعيت بالكفر أجبت! فقال : أصلحك الله! إنما هو لقب. فقال له : قم ، وقال لصاحبه : هات غيره. وعن أبي هريرة : لا يجوز شهادة أصحاب الحمر ، يعني : النخاسين. وعن شريح : لا يجيز شهادة صاحب حمام ، ولا حمال ، ولا ضيق كم القباء ، ولا من قال : أشهد بشهادة الله عزوجل ، وعن محمد : لا تقبل شهادة من ظهرت منه مجانة ، ولا شهادة مخنث ، ولا لاعب بالحمام يطيرهنّ ، ورد ابن أبي ليلى شهادة الفقير ، وقال : لا يؤمن أن يحمله فقره على الرغبة في المال.
وقال مالك : لا تجوز شهادة السؤال في الشيء الكثير ، وتجوز في الشيء التافه. وعن الشافعي : إذا كان الأغلب من حاله المعصية وعدم المروءة ردت شهادته ، وعنه : إذا كان أكثر أمره الطاعة ، ولم يقدم على كبيرة ، فهو عدل ، وينبغي أن تفسر المروءة بالتصاون ، والسمت الحسن ، وحفظ الحرمة ، وتجنب السخف ، والمجون ، لا تفسر بنظافة الثوب ، وفراهة المركوب ، وجودة الآلة ، والشارة الحسنة. لأن هذه ليست من شرائط الشهادة عند أحد من المسلمين.
واختلفوا في حكم من لم تظهر منه ريبة ، هل يسأل عنه الحاكم إذا شهد؟ ففي كتاب عمر لأبي موسى : والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلّا مجلودا في حدّ ، أو مجربا عليه شهادة زور ، أو ظنينا أو قرابة. وكان الحسن ، لما ولي القضاء ، يجيز شهادة المسلمين إلّا أن يكون الخصم يجرح الشاهد. وقال ابن شبرمة : إن طعن المشهود عليه فيهم سألت عنهم في السرّ والعلانية. وقال محمد ، وأبو يوسف : يسأل عنهم ، وإن لم يطعن فيهم في السرّ والعلانية ، ويزكيهم في العلانية. وقال مالك : لا يقضي بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم في السرّ. وقال الليث : إنما كان الوالي يقول للخصم : إن كان عندك من يخرج