وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون الضمير للكتاب ، و : أن تكتبوه ، مختصرا أو مشبعا ، ولا يخل بكتابته. انتهى. وهذا الذي قاله فيه بعد.
وقرأ السلمى : ولا يسأموا ، بالياء وكذلك : أن يكتبوه ، والظاهر في هذه القراءة أن يكون ضمير الفاعل عائدا على الشهداء ، ويجوز أن يكون من باب الالتفات ، فيعود على المتعاملين أو على الكتاب. وانتصاب : صغيرا أو كبيرا ، على الحال من الهاء في : أن تكتبوه ، وأجاز السجاوندي نصب : صغيرا ، على أن يكون خبرا لكان مضمرة ، أي : كان صغيرا ، وليس موضع إضمار كان ، ويتعلق : إلى أجله ، بمحذوف لا تكتبوه لعدم استمرار الكتابة إلى أجل الدين ، إذ ينقضي في زمن يسير ، فليس نظير : سرت إلى الكوفة ، والتقدير : أن تكتبوه مستقرا في الذمة إلى أجل حلوله.
(ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) الإشارة إلى أقرب مذكور وهو الكتابة ، وقيل الكتابة والاستشهاد وجميع ما تقدّم مما يحصل به الضبط ، و : أقسط ، أعدل قيل : وفيه شذوذ ، لأنه من الرباعي الذي على وزن : أفعل ، يقال : أقسط الرجل أي عدل ، ومنه وأقسطوا ، وقد راموا خروجه عن الشذوذ الذي ذكروه ، بأن يكون : أقسط ، من قاسط على طريقة النسب بمعنى : ذي قسط ، قاله الزمخشري.
وقال ابن عطية : انظر هل هو من قسط بضم السين ، كما تقول : أكرم من كرم. انتهى. وقيل : من القسط بالكسر ، وهو العدل ، وهو مصدر لم يشتق منه فعل ، وليس من الإقساط ، لأن أفعل لا يبنى من الافعال.
وقال الزمخشري : فإن قلت : مم بنى أفعلا التفضيل. أعني : أقسط. وأقوم؟
قلت : يجوز على مذهب سيبويه أن يكونا مبنيين من أقسط وأقام. انتهى.
لم ينص سيبويه على أن أفعل التفضيل. بني من أفعل ، إنما يؤخذ ذلك بالاستدلال ، لأنه نص في أول كتابه على أن بناء أفعل للتعجب يكون من : فعل وفعل وفعل وأفعل ، فظاهر هذا أن أفعل الذي للتعجب يبني من أفعل ، ونص النحويون على أن ما يبنى منه أفعل للتعجب يبني منه أفعل التفضيل ، فما انقاس في التعجب : انقاس في التفضيل ، وما شذ فيه شذ فيه.
وقد اختلف النحويون في بناء أفعل للتعجب على ثلاثة مذاهب : الجواز ، والمنع ، والتفضيل. بين أن يكون الهمزة للنقل فلا يبنى منه أفعل للتعجب ، أو لا تكون للنقل ،