الكاتب ، وإعواز الإشهاد ، فأقام التوثق بالرهن مقام الكتابة والشهادة ، ونبه بالسفر على كل عذر ، وقد يتعذر الكاتب في الحضر ؛ كأوقات الاشتغال والليل وقد صح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رهن درعه في الحضر ، فدل ذلك على أن الشرط لا يراد مفهومه.
وقرأ الجمهور : كاتبا ، على الإفراد. وقرأ أبي ، ومجاهد ، وأبو العالية : كتابا على أنه مصدر ، أو جمع كاتب. كصاحب وصحاب. ونفي الكاتب يقتضي نفي الكتابة ، ونفي الكتابة يقتضي أيضا نفي الكتب.
وقرأ ابن عباس والضحاك : كتابا ، على الجمع اعتبارا بأن كل نازلة لها كاتب ، وروي عن أبي العالية : كتبا جمع كتاب ، وجمع اعتبارا بالنوازل أيضا.
وقرأ الجمهور : فرهان ، جمع رهن نحو : كعب وكعاب. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : فرهن ، بضم الراء والهاء. وروي عنهما تسكين الهاء. وقرأ بكل واحدة منهما جماعة غيرهما ، فقيل : هو جمع رهان ، ورهان جمع رهن ، قاله الكسائي ، والفراء. وجمع الجمع لا يطرد عند سيبويه ، وقيل : هو جمع رهن ، كسقف ، ومن قرأ بسكون الهاء فهو تخفيف من رهن ، وهي لغة في هذا الباب ، نحو : كتب في كتب ، واختاره أبو عمرو بن العلاء وغيره ، وقال أبو عمرو بن العلاء : لا أعرف الرهان إلّا في الخيل لا غير ، وقال يونس : الرهن والرهان عربيان ، والرهن في الرهن أكثر ، والرهان في الخيل أكثر. انتهى. وجمع فعل على فعل قليل ، ومما جاء فيه : رهن ، قول الأعشى :
آليت لا يعطيه من أبنائنا |
|
رهنا فيفسدهم كرهن أفسدا |
وقال بكسر : رهن ، على أقل العدد لم أعلمه جاء ، وقياسه : أفعل ، فكأنهم استغنوا بالكثير عن القليل. انتهى.
والظاهر من قوله : مقبوضة ، اشتراط القبض. وأجمع الناس على صحة قبض المرتهن ، وقبض وكيله ، وأما قبض عدل يوضع الرهن على يديه ، فقال الجمهور به. وقال عطاء ، وقتادة ، والحكم ، وابن أبي ليلى : ليس بقبض ، فإن وقع الرهن بالإيجاب والقبول ، ولم يقع القبض ، فالظاهر من الآية أنه لا يصح إلّا بالقبض ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ، وقالت المالكية : يلزم الرهن بالعقد ، ويجبر الراهن على دفع الرهن ليحوزه المرتهن ، فالقبض عند مالك شرط في كمال فائدته ، وعند أبي حنيفة والشافعي شرط في صحته ، وأجمعوا على أنه لا يتم إلّا بالقبض.