واختلفوا في استمراره ، فقال مالك : إذا ردّه بعارية أو غيرها بطل. وقال أبو حنيفة : إن ردّه بعارية أو وديعة لم يبطل. وقال الشافعي : يبطل برجوعه إلى يد الراهن مطلقا.
والظاهر من اشتراط القبض أن يكون المرهون ذاتا متقومّة يصح بيعها وشراؤها ، ويتهيأ فيها القبض أو التخلية. فقال الجمهور : لا يجوز رهن ما في الذمّة. وقالت المالكية : يجوز ، وقال الجمهور : لا يصح رهن الغرر ، مثل : العبد الآبق ، والبعير الشارد ، والأجنة في بطون أمّهاتها ، والسمك في الماء ، والثمرة قبل بدو صلاحها. وقال مالك : لا بأس بذلك.
واختلفوا في رهن المشاع ، فقال مالك ، والشافعي : يصح فيما يقسم وفيما لا يقسم. وقال أبو حنيفة : لا يصح مطلقا. وقال الحسن بن صالح : يجوز فيما لا يقسم ، ولا يجوز فيما يقسم.
ومعنى : على سفر ، أي : مسافرين ، وقد تقدّم الكلام على مثله في آية الصيام.
ويحتمل قوله : ولم تجدوا ، أن يكون معطوفا على فعل الشرط ، فتكون الجملة في موضع جزم ، ويحتمل أن تكون الواو للحال ، فتكون الجملة في موضع نصب. ويحتمل أن يكون معطوفا على خبر كان ، فتكون الجملة في موضع نصب ، لأن المعطوف على الخبر خبر ، وارتفاع : فرهان ، على أنه خبر مبتدأ محذوف ، التقدير : فالوثيقة رهان مقبوضة.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) أي : إن وثق رب الدين بأمانة الغريم ، فدفع إليه ماله بغير كتاب ولا إشهاد ولا رهن ، فليؤدّ الغريم أمانته ، أي ما ائتمنه عليه رب المال. وقرأ أبيّ : فإن أومن ، رباعيا مبنيا للمفعول ، أي : آمنه الناس ، هكذا نقل هذه القراءة عن أبي الزمخشري ، وقال السجاوندي : وقرأ أبي : فإن ائتمن ، افتعل من الأمن ، أي : وثق بلا وثيقة صك ، ولا رهن.
والضمير في : أمانته ، يحتمل أن يعود إلى رب الدين ، ويحتمل أن يعود إلى الذي اؤتمن. والأمانة : هو مصدر أطلق على الشيء الذي في الذمّة ، ويحتمل أن يراد به نفس المصدر ، ويكون على حذف مضاف ، أي : فليؤدّ دين أمانته. واللام في : فليؤدّ ، للأمر ، وهو للوجوب. وأجمعوا على وجوب أداء الديون ، وثبوت حكم الحاكم به وجبره الغرماء عليه ، ويجوز إبدال همزة : فليؤدّ ، واوا نحو : يوجل ويوخر ويواخذ ، لضمة ما قبلها.
وروى أبو بكر عن عاصم : الذي اؤتمن ، برفع الألف ، ويشير بالضمة إلى الهمزة.