قال ابن مجاهد : وهذه الترجمة غلط. وروى سليم عن حمزة إشمام الهمزة الضم ، وفي الإشارة والإشمام المذكورين نظر.
وقرأ ابن محيصن ، وورش بإبدال الهمزة ياء ، كما أبدلت في بئر وذئب ، وأصل هذا الفعل : أؤتمن ، بهمزتين : الأولى همزة الوصل ، وهي مضمومة. والثاني : فاء الكلمة ، وهي ساكنة ، فتبدل هذه واوا لضمة ما قبلها ، ولاستثقال اجتماع الهمزتين ، فإذا اتصلت الكلمة بما قبلها رجعت الواو إلى أصلها من الهمزة ، لزوال ما أوجب إبدالها. وهي همزة الوصل ، فإذا كان قبلها كسرة جاز إبدالها ياء لذلك.
وقرأ عاصم في شاذه : اللذتمن ، بإدغام التاء المبدلة من الهمزة قياسا على : اتسر ، في الافتعال من اليسر. قال الزمخشري : وليس بصحيح ، لأن التاء منقلبة عن الهمزة في حكم الهمزة ، واتزر عامّي ، وكذلك ريّا في رؤيا. انتهى كلامه.
وما ذكر الزمخشري فيه أنه ليس بصحيح ، وأن اترز عامي يعني : أنه من إحداث العامّة ، لا أصل له في اللغة ، قد ذكره غيره ، أن بعضهم أبدل وأدغم ، فقال : اتمن واتزر ، وذكر أن ذلك لغة رديئة. وأما قوله : وكذلك ريّا في رؤيا ، فهذا التشبيه إما أن يعود إلى قوله : واتزر عامي ، فيكون إدغام ريّا عاميا. وإما أن يعود إلى قوله : فليس بصحيح ، أي : وكذلك إدغام : ريا ، ليس بصحيح. وقد حكى الإدغام في ريا الكسائي.
(وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) أي عذاب الله في أداء ما ائتمنه رب المال ، وجمع بين قوله : الله ربه ، تأكيدا لأمر التقوى في أداء الدين كما جمعهما في قوله : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ) فأمر بالتقوى حين الإقرار بالحق ، وحين أداء ما لزمه من الدين ، فاكتنفه الأمر بالتقوى حين الأخذ وحين الوفاء.
(وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ) هذا نهي تحريم ، ألا ترى إلى الوعيد لمن كتمها؟ وموضع النهي حيث يخاف الشاهد ضياع الحق. وقال ابن عباس : على الشاهد أن يشهد حيث ما استشهد ، ويخبر حيث ما استخبر. ولا تقل : أخبر بها عن الأمير ، بل أخبره بها لعله يرجع ويرعوي.
وقرأ السلمي : ولا يكتموا ، بالياء على الغيبة.
(وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) كتم الشهادة هو إخفاؤها بالامتناع من أدائها ، والكتم