يدغم نحو (مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ) (١) و (الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) (٢) و (لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ) (٣) (وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها) (٤) فإن سكنت الراء أدغمها في اللام بلا خلاف عنه إلّا ما روى أحمد بن جبير بلا خلاف عنه ، عن اليزيدي ، عنه : أنه أظهرها ، وذلك إذا قرأ بإظهار المثلين ، والمتقاربين المتحركين لا غير ، على أن المعمول في مذهبه بالوجهين جميعا على الإدغام نحو (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) انتهى. وأجاز ذلك الكسائي والفراء وحكياه سماعا ، ووافقهما على سماعه رواية وإجازة أبو جعفر الرواسي ، وهو إمام من أئمة اللغة والعربية من الكوفيين ، وقد وافقهم أبو عمرو على الإدغام رواية وإجازة ، كما ذكرناه ، وتابعه يعقوب كما ذكرناه ، وذلك من رواية الوليد بن حسان. والإدغام وجه من القياس ، ذكرناه في كتاب (التكميل لشرح التسهيل) من تأليفنا ، وقد اعتمد بعض أصحابنا على أن ما روي عن القراء من الإدغام الذي منعه البصريون يكون ذلك إخفاء لا إدغاما ، وذلك لا يجوز أن يعتقد في القراء أنهم غلطوا ، وما ضبطوا ، ولا فرقوا بين الإخفاء والإدغام ، وعقد هذا الرجل بابا قال : هذا باب يذكر فيه ما أدغمت القراء مما ذكر أنه لا يجوز إدغامه ، وهذا لا ينبغي ، فإن لسان العرب ليس محصورا فيما نقله البصريون فقط ، والقراآت لا تجيء على ما علمه البصريون ونقلوه ، بل القراء من الكوفيين يكادون يكونون مثل قراء البصرة ، وقد اتفق على نقل إدغام الراء في اللام كبير البصريين ورأسهم : أبو عمرو بن العلاء ، ويعقوب الحضرمي. وكبراء أهل الكوفة : الرواسي ، والكسائي ، والفراء ، وأجازوه ورووه عن العرب ، فوجب قبوله والرجوع فيه إلى علمهم ونقلهم ، إذ من علم حجة على من لم يعلم.
وأما قول الزمخشري : إن راوي ذلك عن أبي عمرو مخطئ مرتين ، فقد تبين أن ذلك صواب ، والذي روى ذلك عنه الرواة ، ومنهم : أبو محمد اليزيدي وهو إمام في النحو إمام في القراآت إمام في اللغات.
قال النقاش : يغفر لمن ينزع عنه ، ويعذب من يشاء إن أقام عليه.
وقال الثوري : يغفر لمن يشاء العظيم ، ويعذب من يشاء على الصغير.
وقد تعلق قوم بهذه الآية في جواز تكليف ما لا يطاق ، وقالوا : كلفوا أمر الخواطر ، وذلك مما لا يطاق.
__________________
(١) سورة يوسف : ١٢ / ٢١.
(٢) سورة الإنفطار : ٨٢ / ١٣ ، والمطففين : ٨٣ / ٢٢.
(٣) سورة فاطر : ٣٥ / ٢٩ و ٣٠.
(٤) سورة النحل : ١٦ / ٨.