وعند مسلم : أنها أضافت : أنها سألت النبي «صلى الله عليه وآله» عن ذلك ، فأخبرها : أنه لم يره ، وإنما رأى جبرئيل (١).
والروايات في أن المقصود بمن (رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) هو جبرئيل كثيرة جدا وكذلك الروايات التي تؤكد : على أنه «صلى الله عليه وآله» قد رآى الله بقلبه وفؤاده ، لا بعينه وبصره ، فإنها كثيرة أيضا (٢).
وليس بين هاتين الطائفتين أي تناف أو تعارض ..
بل إن نفس الآيات ظاهرة ـ إن لم تكن صريحة ـ في أن المقصود هو جبرئيل ، بيان ذلك باختصار : أن قوله تعالى : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) يراد بشديد القوى هو جبرئيل «عليه السلام» ، ثم وصف جبرئيل ، الذي وصفه الله بالقوة في قوله : (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ)(٣) بكونه ذا مرة ، «أي شدة وحصافة في العقل والرأي» (٤) ، وقوله : (فَاسْتَوى) أي أن ذلك الشديد ، ذا المرة ، استقام أو استولى ، وهو بالأفق الأعلى.
وقوله : (ثُمَّ دَنا) ، أي النبي «صلى الله عليه وآله» ، فكان قاب قوسين أو أدنى من حجب النور ، حيث رأى ملكوت السماوات ، ثم تدلى «صلى الله
__________________
(١) المواهب اللدنية ج ٢ ص ٣٥ عن مسلم.
(٢) يكفي أن يرجع الطالب إلى الدر المنثور ج ٦ ص ١٢٢ ـ ١٢٦ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣١٣ و ٣١٤ والمواهب اللدنية ج ٢ ص ٣٦ و ٣٧ وغير ذلك من المصادر الكثيرة جدا.
(٣) الآية ٢٠ من سورة التكوير.
(٤) احتمل بعض المحققين : أن يكون وصف الله تعالى لجبرئيل بالشدة في مقابل التابع من الجن الذي كان ضعيفا بحيث يستطيع الإنسان أن يتسلط عليه.