وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله ، فيقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ، (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، ثم يقول : أنا رأيته بعيني ، وأحطت علما ، وهو على صورة البشر؟! أما تستحون؟!. ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشيء ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر.
قال أبو قرة : فإنه يقول : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى)؟
فقال أبو الحسن «عليه السلام» : إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى ، حيث قال : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) ، يقول : ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ، ثم أخبر بما رأى ، فقال : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) ؛ فآيات الله غير الله ، وقد قال الله : (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) ، فإذا رأته الأبصار ؛ فقد أحاط به العلم ، ووقعت المعرفة.
فقال أبو قرة : فتكذب بالروايات؟!.
فقال أبو الحسن «عليه السلام» : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه : أنه لا يحاط به علما ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شيء (١).
وفي الرواية دلالة على حجية ظواهر الكتاب ، وعلى حجية السياق القرآني أيضا ، صلوات الله وسلامه عليك يا أبا الحسن وعلى آبائك وأبنائك الطاهرين ، فإنكم ما زلتم حصون الإسلام ، والمدافعين عنه ، والباذلين مهجكم في سبيله ، فأنتم مصابيح الدجى ، والعروة الوثقى ، والحجة على أهل الدنيا.
__________________
(١) أصول الكافي (ط سنة ١٣٨٨ ه. في إيران) ج ١ ص ٧٤ و ٧٥ ، والبرهان للبحراني ج ٤ ص ٢٤٨.